للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاسم، والثاني أن فيها معنى الفعل لأن أن وإن بمعنى أكدت، وكأن بمعنى شبهت، ولكن بمعنى استدركت، وليت بمعنى تمنيت، ولعل بمعنى ترجيت، "والثالث" أنها مبنية على الفتح كما أن الفعل الماضي مبني ٩٩ على الفتح، إلي غير ذلك من الوجوه التي تقدم ذكرها قبلُ، وهذه الوجوه من المشابهة بين لعل والفعل لا تَبْطُل بأن لا تكون على وَزْنٍ من أوزانه، وهي كافية في إثبات عملها بحكم المشابهة، على أنه قد ظهر نَقْصُها عن سائر أخواتها لعدم كونها على وزنٍ من أوزان الفعل وأنه لا يجوز أن تدخل عليها نون الوقاية كما يجوز في سائر أخواتها، فلا يكاد يقال"لَعَلَّنِي" كما يقال "إِنَّنِي، وكأنَّنِي، ولكنَّنِي، ولَيْتَنِي" إلا أن يجيء ذلك قليلًا كما قال عروة بن الوَرْدِ:

[١٤٢]

دَعِينِي أطوفْ في البلاد لَعَلَّنِي ... أُفِيد غِنًى فيه لذي الحَقِّ مَحْملُ

وذلك قليل.

وأما قولهم "إذا جاز لكم أن تحكموا بزيادة لا والكاف في لكنَّ وهما حرفان فَلأنْ يجوز أن يحكم بزيادة اللام وهي حرف واحد كان ذلك من طريق الأولى" قلنا: هذا فاسد؛ لأنكم لا تقولون بصحة مذهبهم، فكيف يجوز لكم أن تقيسوا عليه؟ فإن القياس على الفاسد فاسد، وقد بيَّنَّا فساد ما ذهبوا إليه في زيادة لا والكاف هناك كما بيَّنَّا فساد زيادة اللام ههنا، وكلاهما قول باطل، ليس له حاصل، والله أعلم.


[١٤٢] البيت -كما قال المؤلف- لعروة بن الورد، المعروف بعروة الصعاليك. وقوله "دعيني" معناه اتركيني، ويروى "ذرينني" وهو بمعناه، وقوله "أطوف" أي أكثر الطواف والجولان، ويروى في مكانه "أسير" بتشديد الياء ومعناه أكثر السير، والاستشهاد بالبيت في قوله "لعلني" حيث وصل نون الوقاية بلعل حين أراد أن يعملها في ياء المتكلم، وقد زعم المصنف أن ذلك قليل، وأن الكثير "لعلي" بترك النون، وقد وردت عدة أبيات كبيت الشاهد، من ذلك قول حاتم الطائي، وأنشده ابن منظور "ع ل ل":
أريني جوادًا مات هزلًا لعلني ... أرى ما ترين أو بخيلًا مخلدًا
ومن ذلك قول الآخر، وهو من شواهد الأشموني "رقم ٥٩" وابن عقيل "رقم ١٩" وابن الناظم في باب الضمير:
فقلت: أعيراني القدوم لعلني ... أخط بها قبرًا لأبيض ماجد
نعم حذف النون أعرف وأشهر، وبه وحده ورد في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} [غافر: ٣٦] وقوله: {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: من الآية١٠٠] وقوله: {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} [طه: من الآية١٠] وقوله: {لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [القصص: من الآية ٣٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>