للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسماء ما كان مُشَابِهًا له ومتضمّنًا معناه كاسم الفاعل والصفة المشبهة به نحو "ضارب، وقاتل، وحَسَن، وكريم" وما أشبه ذلك، وما وقع الخلاف فيه ليس بينه وبين الفعل مشابهة بحال، ألا ترى أنك إذا قلت "زيدٌ أخُوكَ" كان أخوك دليلا على الشخص الذي دل عليه زيد، وليس فيه دلالة على الفعل، فكذلك إذا قلت "عمرو غلامك" كان غلامك دليلا على الشخص الذي دل عليه عمرو، وليس فيه دلالة على الفعل؛ فوجب أن لا يجوز الإضمار فيه، كما لا يجوز في زيد وعمرو.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: قولهم "إنما قلنا إنه يتضمن الضمير وإن كان اسمًا محضًا لأنه في معنى ما يتضمن الضمير لأن أخوك في معنى قريبك، وغلامك في معنى خادمك" قلنا: هذا فاسد؛ لأنه إنما جاز أن يكون قريبك وخادمك متحملا للضمير لأنه يشابه الفعل لفظًا ويتضمنه معنًى، وهو الأصل في تحمل الضمائر، ولا شُبْهَةَ في مشابهة اسم الفاعل والصفة المشبهة به للفعل، ألا ترى أن "خَادِم" على وزن "يَخْدم" في حركته وسكونه وأن فيه حروف خدَمَ الذي هو الفعل، وكذلك "قريب" فيه حروف قَرُبَ الذي هو الفعل؛ فجاز أن يتضمن الضمير، فأما أخوك وغلامك فلا شبهة في أنه لا مشابهة بينه وبين الفعل بحالٍ، فينبغي أن لا يتحمل الضمير، وكونه في معنى ما يشبه الفعل لا يوجب شبهًا بالفعل، ألا ترى أن حروف "أخوك، وغلامك" عارية من حروف الفعل الذي هو قَرُبَ وخَدَمَ؛ فينبغي أن لا يتحمل الضمير، ألا ترى أن المصدر إنما عَمِلَ عَمَلَ الفعل نحو "ضَرْبِي زيدًا حسنٌ" لتضمنه حروفَه، فلو أقمت ضمير المصدر مقامه فقلت "ضَرْبِي زيدا حسن وهو عمرًا قبيح" لم يجز وإن كان ضمير المصدر في معناه١؛ لأن المصدر إنما عمل الفعل لتضمنه حروفه، وليس في ضمير المصدر لفظ الفعل؛ فلا يجوز أن يعمل عمله، فكذلك ههنا: إنما جاز أن يتحمل نحو "قريبك، وخادمك" الضمير لمشابهته للفعل وتضمنه لفظه، ولم يجز ذلك في نحو "أخوك" و"غلامك" لأنه لم يشابه الفعل ولم يتضمن لفظه، والله أعلم.


١ هذه مسألة خلافية بين الفريقين، وما كان ينبغي أن يحتج عليهم بما هو مذهبه دون مذهبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>