أبيض من أخت بني أباض وفي البيت المنسوب إلى طرفة: ... أبيضهم سربال طباخ وأسود في قول المتنبي الذي أنشدناه لك: ... أسود في عيني من الظلم صفة مشبهة أيضًا، وكأن المتنبي قد قال: لأنت مسود في عيني، ولأنت من الظلم؛ وكأن طرفة قد قال: أنت مبيضهم سربال طباخ، وكأن الراجز قد قال: جسد مبيض كائن من أخت بني أباض، وقد اتفق مع المؤلف على هذا التخريج ابن يعيش والشريف المرتضي والحريري في دره الغواص، وكلهم تابعون لابن جني. ويقول أبو رجاء: إنه ليس من المنكر أن يجيء وزن أفعل من البياض والسواد وغيرهما من الألوان ومن غير الألوان صفة مشبهة، نقول: فلان أبيض اللون وفلان أسود، أو أخضر، أو أصفر، وتقول: فلان أهيف البطن. وفلان أجب الظهر، وفلان أوحد دهره، وما لا يحصى من المثل، ومن ذلك قول أبي الطيب المتنبي أيضًا: يلقاك مرتديًا بأحمر من دم ... ذهبت بخضرته الطلى والأكبد ومن ذلك قول أبي تمام: له منظر في العين أبيض ناصع ... ولكنه في القلب أسود أسفع وقد قال المفسرون في قوله تعالى: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} : إن "أهون" في هذه الآية بمعنى هين، كما قالوا في قول معن بن أوس: لعمرك ما أدري وإني لأوجل ... على أينا تغدو المنية أول إن "أوجل" هنا صفة مشبهة وليست أفعل تفضيل، أقول: نحن لا ننكر أن هذا الوزن يأتي صفة مشبهة خالية من معنى تفضيل شيء على شئ، كما لا ننكر أن من هذه البابة قول الشاعر: وأبيض من ماء الحديد كأنه وما معه من الأبيات، لكنا لا نستطيع أن نستسيغ أن يكون من هذه البابة قول الراجز: أبيض من أخت بني أباض مع قول الرواة الموثوق بهم: إن نساء بني أباض مشهورات ببياض ألوانهن؛ وعلى هذا يكون هذا الجواب غير مستقيم، ولو كان القائل به ابن جني ومن تبعه من فحولة النحاة.