قليل منك يكفيني، ولكن ... قليلك لا يقال له قليل وأنت إذا تأملت أدنى تأمل تبين لك أن "كفى" في البيت الذي استشهد به المؤلف من الضرب الثاني الذي تكون فيه بمعنى وفى وتتعدى إلى مفعولين، وهذه -كما قلنا لك- لا يقترن فاعلها بالباء الزائدة لا في الغالب ولا في القليل، وسبحان الذي تنزه عن السهو والغفلة، وانظر -بعد ذلك- شرح الشاهد ١٠٢ الآتي: [٩٧] هذا البيت لسحيم عبد بني الحساس، وهو من شواهد ابن يعيش "ص١٠٨٦ و ١١٤٨" والأشموني "رقم ٧٣٦ بتحقيقنا" ومغني اللبيب "رقم ١٥٣ بتحقيقنا" وأوضح المسالك لابن هشام "رقم ٣٧٩ وعميرة: اسم امرأة، وتجهزت: أي اتخذت جهاز سفرك وأعددته وهيأته، وغاديًا: اسم فاعل فعله غدا يغدو غدوًا -مثل سما يسمو سموًّا- وذلك إذا سار في وقت الغداة، والغداة -ومثلها الغدوة- الوقت من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ويروى في مكانه "غازيًا" وقوله "كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيًا، يروى أن عمر بن الخطاب سمع هذا البيت فقال: لو قدمت الإسلام على الشيب لأجزتك، والاستشهاد بهذا البيت في قوله "كفى الشيب" حيث أسقط الباء من فاعل "كفى" التي هي فعل قاصر لا يتعدى إلى مفعول وتدل على معنى حسب، وسقوطها في هذه العبارة يدل على أن الباء ليست واجبة في فاعل هذا الفعل، بخلاف اقتران الباء بفاعل "أفعل" في التعجب نحو "أكرم بزيد، وأعظم به" فإنها لازمة لا يجوز سقوطها.