ولا خير في العيدان إلا صلابها ... ولا ناهضات الطير إلا صقورها برفع "صلابها" على تقدير: إلا أن يكون صلابها، ورفع "صقورها" على أن يكون التقدير: إلا أن يكون صقورها. ومن ذلك أن عيسى بن عمر روى البيت بكسر الدال من "لم يدع" على أن معناه يقر ويمكث، وبرفع مسحت ومجلف على أن الأول فاعل والثاني معطوف عليه، وخرجه على ذلك ابن جني في الخصائص. وبعد؛ فقد قال ابن قتيبة: ومن ذا الذي يخفى عليه من أهل النظر أن كل ما أتوا به احتيال وتمويه. [١١٤] هذا البيت -كما قال المؤلف- لبشر بن أبي خازم، وقد أنشده سيبويه "١/ ٢٩٠" واستشهد به ابن يعيش في شرح المفصل "ص١١٢٦" وأنشده رضي الدين في شرح الكافية في باب الحروف المشبهة بالفعل، وشرحه البغدادي في الخزانة "٤/ ٣١٥" وبغاة: جمع باغٍ، وهو هنا بمعنى طالب، تقول: بغيت الشيء أبغيه بغيا، تريد طلبته، و "ما" مصدريه ظرفية، وفي شقاق: أي في اختلاف، والاستشهاد بالبيت في قوله "أنا وأنتم بغاة: حيث وقع الضمير المنفصل الذي يكون في محلّ الرفع بعد اسم أن وقبل ذكر خبرها وقد تمسك بظاهر هذا الفراء وشيخه الكسائي فقالا: يجوز أن يعطف بالرفع على اسم إن قبل أن يذكر الخبر، فتقول: إنني ومحمد على وفاق، ولم يرتض سيبويه ذلك، وقال: إن الكلام مؤلف من جملتين: إحداهما: إن واسمها وخبرها، والثانية: هذا الاسم المرفوع المتوسط بين اسم إن وخبرها فهو مبتدأ وخبره محذوف، والجملة معطوفة على جملة إن واسمها وخبرها، وأصل مكان هذا الاسم المرفوع بعد خبر إن، لكن الشاعر في هذا البيت قد قدمه، وأصل الكلام: وإلا فاعلموا أنا بغاة وأنتم كذلك، وأجاز الأعلم وجها آخر، وهو أن يكون خبرا إن محذوفا لدلالة ما بعده عليه، و "بغاة" المذكور خبر المبتدأ الذي هو "أنتم" فيكون الشاعر قد حذف من الجملة الأولى لدلالة ما في الجملة الثانية على المحذوف، وعلى الوجه السابق يكون الحذف من الثاني لدلالة الأول عليه، وهو أفضل من تقدير الحذف من الأول.