للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم "إنه يتصرف" قلنا: ١٢٨ لا نُسَلِّم، وأما قول النابغة:

[١٦٥]

وما أُحَاشِي من الأقوام من أحد

فنقول: قوله "أُحَاشِي" مأخوذ من لفظ حاشى، وليس متصرفًا منه، كما يقال: بَسْمَلَ، وهلَّلَ، وحَمْدَلَ، وسَبْحَلَ، وحَوْلَقَ، إذا قال: بسم الله، ولا إله إلا الله، والحمد لله، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكذلك يقال "لبَّى" إذا قال: لبيك، و"أَفَّفَ" إذا قال: أفّة، وهو اسم للضُّجرَة، و"دَعْدَعَ" إذا قال لغنمه: دَاعْ دَاعْ، وهو تصويت بها، و "بأبأ الرجل بفلانٍ" إذا قال له: بأبي أنت، كما قال:

[١٦٧]

وإن تُبَأْبَأْنَ وإن تُفَدَّين


[١٦٧] لم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، والاستشهاد به في قوله "تبأ بأن" حيث اشتق هذا الراجز فعلًا من اسم الصوت الذي هو "بأ، بأ" والعرب تشتق من أسماء الأصوات على مثال الدحرجة ثم تأخذ من هذا المصدر أفعالًا على مثال دحرج يدحرج، قالوا: بأبأت الصبي، وبأبأت به، أبأبئ بأبأة؛ إذا قلت له: بأبي أنت وأمي، وأو قلت له: با، با، وكذلك قالوا: بأبأ الصبي أباه؛ إذا قال له: با، با، وقالوا: نخنخت البعير أنخنخه نخنخة؛ إذا قلت له: نخ، وقال ابن جني "سألت أبا عليّ فقلت له: بأبأت الصبي بأبأة إذا قلت له: با، با، فما مثال البأبأة عندك الآن؟ أتزنها على لفظها في الأصل فتقول: مثالها البقبقة بمنزلة الصلصلة والقلقلة؟ فقال: بل أزنها على ما صارت إليه وأترك ما كانت عليه فأقول: الفعللة، قال: وهو كما ذكر" ا. هـ. وقد كتبنا بحثًا وافيًا عن الاشتقاق من أسماء الأصوات والنحت من الجمل في القسم الأول من كتابنا دروس التصريف فارجع إليه إن شئت، ومثل بيت الشاهد قول الراجز الآخر:
وصاحب ذي عمرة داجيته ... بأبأته، وإن أبى فديته
حتى أتى الحي وما آذيته
ومثله قول الآخر:
إذا ما القبائل بأبأننا ... فماذا نرجي ببئبائها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>