للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر:

[١٧٠]

أَلَمْ تَعْلَمَنْ يا رَبِّ أَنْ رُبَ دعوة ... دعوتك فيها مخلصًا لو أُجَابُهَا

وفي رُبَّ أربع لغات: ضم الراء وفتحها، مع تشديد الباء وتخفيفها، نحو: رُبَّ، ورُبَ، ورَبَّ، ورَبَ. وكذلك حكيتم عن العرب أنهم قالوا في سوف أفعلُ: "سَوْ أفعل" بحذف الفاء، وحكاه أبو العباس أحمد بن يحيي ثعلب في أماليه، وحكى ابن خَالَوَيْهِ فيها أيضا "سَفَ أفعل" بحذف الواو، وزعمتم أيضًا أن الأصل في سأفعل: سوف أفعل، فحذفت الواو والفاء معًا، وسوف حرف، وإذا جوّزتم حذف حرفين فكيف تمنعون جواز حذف حرف واحد؟ فدلَّ على فساد ما ذكرتموه، والله أعلم.


= التي كانت مفتوحة وأبقى الأولى على حالها التي كانت عليها، وينشدون بالسكون قول الشاعر:
ألا رب ناصر لك من لؤي ... كريم لو تناديه أجابا
ومنهم من روى "رب" في بيت الشاهد بفتح الباء، وصرح العسكري في كتاب التصحيف بالوجهين، وقد قال أبو علي في كتاب الشعر: الحروف على ضربين: حرف فيه تضعيف، وحرف لا تضعيف فيه؛ فالأول قد يخفف بالحذف منه كما فعل ذلك في الاسم والفعل بالحذف والقلب، وذلك نحو إن وأن ولكن ورب، والقياس إذا حذف المدغم فيه أن يبقى المدغم على السكون، وقد جاء:
أزهير إن يشب القذال.. البيت
ويمكن أن يكون الآخر منه حرك لما لحقه الحذف والتأنيث فأشبه بهما الأسماء" ا. هـ.
[١٧٠] لم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، وألفاظه ومعانيه ظاهرة، والاستشهاد به في قوله "رب دعوة" حيث ورد فيه "رب" مخففًا بحذف إحدى الباءين، والكلام فيه كالكلام في الشاهد السابق، ولكن بينهما فرقًا من جهة واحدة، وتلخيصها أن "رب" في البيت السابق مخففة قطعًا، إذ لا يصح وزن البيت إلا على تخفيفها إما بسكون بائها وإما بفتحها، أما في هذا البيت فالوزن يتم على تخفيفها وعلى تشديدها، بل قد يكون تشديدها أوفق، ولا دليل على التخفيف إلا الرواية، وقد أتى المؤلف بالبيت السابق، فيكون قد روي عن أثبات العلماء التخفيف في هذا البيت أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>