لم يمنع الشرب منها ... البيت وزعموا أن ناسا من العرب ينصبون هذا الذي في موضع الرفع، فقال الخليل: هذا كنصب بعضهم يومئذ في كل موضع، فكذلك غير أن نطقت، وكما قال النابغة: على حين عاتبت المشيب على الصبا ... فقلت: ألما تصح والشيب وازع؟ أنه جعل حين وعاتبت اسمًا واحدًا" ا. هـ. وقد جعل الأعلم إضافة غير في هذا البيت إلى غير متمكن -أي إلى مبنيّ- بسبب وجود "أن" المصدرية في صدر المضاف إليه، مع علمه أن أن المصدرية حرف، وأن الحرف لا يقع في موقع من مواقع الإعراب أصلًا؛ فلا يكون مضافًا إليه، بل مع علمه أن هذا الحرف المصدري مع مدخوله في تأويل اسم مفرد معرب -وهو المصدر المسبوك من أن ومدخولها- وأنت لو تأملت في هذا البيت وجدت البصريين والكوفيين متَّفقين على جواز بناء غير في هذا البيت وأمثاله، ولكن الاختلاف بينهم في تعليل هذا البناء، فالكوفيون يعللونه -على ما قال المؤلف عنهم- بأنها قامت مقام إلا الاستثنائية، والبصريون قد عللوه بأنها أضيفت إلى مبني فاكتسبت البناء من المضاف إليه، وذلك كما يكتسب المضاف من المضاف إليه التذكير والتأنيث، وقد فصل ابن هشام في مغني اللبيب "ص٥١٠ ما بعدها" الأمور التي يكتسبها المضاف من المضاف إليه، فارجع إليها إن شئت. ومن شواهد بناء غير لكونها أضيفت إلى مبنيّ -على ما يقول البصريون- قول الشاعر وأنشده ابن هشام في المغني: لذ قيس حين يأبى غيره ... تلقه بحرا مفيضًا خيره الرواية في هذا البيت بفتح "غيره" بدليل الروي، ونظير ما أنشده المؤلف في بناء غير لكونها أضيفت إلى جملة مصدره بأن قول الحارث بن حلزة اليشكري من قصيدته التي تعد في المعلقات، وهو من شواهد الرضي: غير أني قد أستعين على الـ ... هم إذا خف بالثوى النجاء فغير ههنا استثناء منقطع، وهي مفتوحة، ويجوز أن تكون فتحتها فتحة إعراب، ويجوز أن تكون فتحة بناء، وفي هذا القدر كفاية ومقنع إن شاء الله.