أنا محيوك فاسلم أيها الطلل ... وإن بليت، وإن طالت بك الطيل وقوله: "إنا محيوك" معناه إنا داعون لك بالتحية، وهي البقاء، والطلل -بالتحريك- ما بقي شاخصًا مرتفعًا من آثار الديار، والطيل -بكسر الطاء وفتح الياء مخففة- جمع طيلة، وهي الدهر، والإقتار: الفقر، و "أحتمل" يروى بالحاء المهملة، ومعناه أرتحل لطلب الرزق، ويروى بالجيم، ومعناه أجمع العظام لأستخرج ودكها وشحمها وأتعلل به، مأخوذ من الجميل وهو الودك. يقول: لقد أنعم على هؤلاء وزادوا في إنعامهم عند فقري وحاجتي التي بلغت إلى حد أنني لا أقدر على الارتحال لطلب الرزق ضعفًا وفقرًا. والاستشهاد به في قوله "كم نالني منهم فضلًا" حيث نصب تمييز "كم" الخبرية لما فصل بين كم وتمييزها وسيبويه لا يوجب ذلك إلا في ضرورة الشعر، والفراء يجيزه في السعة، وقد بيَّنَّا لك هذا في شرح الشواهد السابقة. [١٨٩] هذا البيت من كلام زهير بن أبي سلمى المزني، وهو من شواهد سيبويه "١/ ٢٦٥" والزمخشري في مفصله وابن يعيش في شرحه "ص٥٨١" والأشموني "رقم ١١٤١" وصف زهير في هذا البيت ناقته، وتؤم: أي تقصد، وفيه ضمير مستتر تقديره هي يعود إلى الناقة، والغار: الغائر المطمئن من الأرض، وجعله محدودبًا لما يتصل به من الآكام ومتون الأرض. والاستشهاد به في قوله "وكم دونه من الأرض محدوبا" حيث أتى بتمييز كم الخبرية منصوبًا لما فصل بين كم وبينه بالظرف والجار والمجرور والكلام فيه كالكلام فيما قبله.