ومنهم من يقول في تثنيته "دموان" بفتح الميم التي قبل الياء أو الواو، وقد اختلف النحاة في المحذوف من "دم" أواو هو أم ياء؟ وفي أصل الميم قبل الحذف أمفتوحة هي أم ساكنة؟ فقال قوم: أصل دم دمي -بسكون الميم وبالياء في آخره- أما الدليل على أن أصل اللام ياء فهو تثنيته على "دميان" وأما الدليل على أن أصل الميم ساكنة فهو القياس؛ وذلك لأن أكثر ما حذف لامه اعتباطًا للتخفيف مثل ابن وغد ساكن العين، وتحريكها في التثنية لا يقطع بأنها كانت محركة في المفرد، وقال قوم: أصل اللام المحذوفة من "دم" واو, بدليل أنهم ثنوه فقالوا "دموان" ونحن بعد هذا نذكر لك كلام ابن الشَّجَرِي في أماليه في هذه المسألة فإنه -فيما نرى- أوفى كلامًا فيها، قال: "ودم عند بعض التصريفيين دمي -ساكن العين- قالوا: لأن الأصل في هذه المنقوصات أن تكون أعينها سواكن حتى يقوم دليل على الحركة، من حيث كان السكون هو الأصل والحركة طارئة، قالوا: وليس ظهور الحركة في قولنا دميان دليلًا على أن العين متحركة في الأصل؛ لأن الاسم إذا حذفت لامه واستمرت حركات الإعراب على عينه ثم أعيدت اللام في بعض تصاريف الكلمة ألزموا العين الحركة، وقال من خالف أصحاب هذا القول: أصل دم دمي -بفتح العين- لأن العرب قلبوا لامه ألفًا فألحقوه بباب رَحَا فقالوا: هذا دمًا، مثل قولهم: هذه رحا، وقال بعض العرب في تثنيته دمان فلم يردوا اللام، كما قالوا في تثنية يد: يدان، والوجه أن يكون العمل على الأكثر، وكذلك حكى قوم دموان، والأعرف فيه الياء، وعليه أنشدوا: جرى الدميان بالخبر اليقين ومن العرب من يقوم الدم -بتشديد الميم- كما تلفظ به العامة، وهي لغة رديئة، وأنشدوا لتأبط شرًّا: حيث التقت بكر وفهم كلها ... والدم يجري بينهم كالجدول والعامة تفعل مثل هذا في الفم أيضًا، وإنما يكون ذلك في الشعر، كما قال: يا ليتها قد خرجت من فمه ا. هـ كلامه، وفيه كفاية ومقنع.