للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُرَوِّي العروق البالياتِ من البِلَى ... من العَرْفَجِ النَّجْدِيِّ ذُو بَادَ والحَمْضِ

أراد: الذي هو محضه، والذي باد. وقال سِنَانُ بن الفَحْلِ:

[٢٤٤]

فإنَّ المَاءَ ماءُ أبي وجَدِّي ... وبئري ذُو حفرت وذُو طَوَيْتُ

أراد: الذي حفرت والذي طويت؛ فلما رُكِّبَتَا حذفت الواو من "ذو" اجتزاء بالضمة عنها؛ لأنهم يجتزئون بالضمة عن الواو وبالكسرة عن الياء وبالفتحة عن الألف، قال الشاعر:

[٢٤٥]

فلو أنَّ الأَطِبَّا كانُ حَوْلِي ... وكان مع الأَطِبَّاءِ الشُّفَاةُ


= الإعراب صلة، وذو صفة للماء، والهاء في "محضة" تعود إلى السحاب يعني يترك هذا السحاب محض الماء الذي هو -أي الماء- محضه: أي خالصة السحاب وصافيته. ومحل الاستشهاد في البيت الثاني قوله "ذو باد" فإن "ذو" اسم موصول بمعنى الذي أيضًا، وقد وقع صفة للعرفج النجدي.
[٢٤٤] هذا البيت لسنان بن الفحل الطائي، من أبيات أوردها أبو تمام أيضًا في ديوان الحماسة "انظر شرح المرزوقي ص٥٩٠" وهو من شواهد ابن يعيش في شرح المفصل "ص٤٦٤" ورضي الدين في باب الموصول من شرح الكافية، وقد شرحه البغدادي في الخزانة "٢/ ٥١١" والأشموني "رقم ١٠١" وابن هشام في أوضح المسالك "رقم ٥١" وفي شرح قطر الندى "رقم ٣١" و "ذو حفرت" يريد التي حفرتها، و "ذو طويت" أي التي طويتها، وطي البئر: بناؤها بالحجارة، ومحل الاستشهاد في هذا البيت قوله "ذو حفرت وذو طويت" فإن "ذو" في هاتين العبارتين اسم موصول بمعنى التي، ويستدل بهاتين العبارتين على ثلاثة أشياء؛ الأول: أن "ذو" تأتي اسمًا موصولًا، والثاني: أنها تكون بلفظ واحد للمؤنث والمذكر، لأن البئر مؤنثة، والثالث: أنها تستعمل في غير العاقل كما استعملت في العاقل في الشاهد ٢٤١.
[٢٤٥] هذا الشاهد من شواهد رضي الدين في باب المضمر من شرح الكافية وقد شرحه البغدادي في الخزانة "٢/ ٣٨٥" ونص على أن الفَرَّاء أنشد البيت الأول في تفسيره، ثم قال بعد كلام طويل "ولم يعزهما الفَرَّاء فمن بعده إلى أحد" وهو من شواهد جار الله في الكشاف "٢/ ٦١ بولاق" في أول تفسير سورة المؤمنين، والأطبا: جمع طبيب، وهو الذي يعالج الأسقام، وقال الشاعر:
يقولون: ليلى بالعراق مريضة، ... فياليتني كنت الطبيب المداويا
وأصله "الأطباء" كما ورد في الشرط الثاني فقصره الشاعر، و "الشفاة" جمع شاف، ويروى:
وكان مع الأطباء الأساة
وهو جمع آسٍ. ومن قولك: "أسا الجرح يأسوه" إذا عالجه ليبرأ، ويروى:
وكان مع الأطباء السقاة
جمع ساقٍ من "سقاه الدواء يسقيه" وجواب لو هو قوله: "إذا ما أذهبوا ... إلخ" ومحل الاستشهاد ههنا قوله "كان حولي" فإن أصل هذه العبارة "كانوا حولي" بواو الجماعة التي تعود إلى الأطباء، فحذف الشاعر الواو واكتفى بالضمة للدلالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>