للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف؛ لأن التقدير لله در من لامها اليوم، وقال أبو حيّة النّميري:

[٢٧٠]

كما خُطَّ الكتابُ بِكَفّ يومًا ... يهوديّ يُقَارِبُ أو يُزِيلُ


= بلوغه الغاية في شيء ما، وصف الشاعر امرأة نظرت إلى ساتديما فذكرت به بلادها فاستعبرت شوقًا إليها، ثم قال: لله در من لامها اليوم على بكائها، يتعجب من شأن لائمها وينكر عليه فعله؛ لأنها عنده قد بكت بحق فلا محل للومها. ومحل الاستشهاد هنا بهذا البيت قوله "در اليوم من لامها" فإن قوله "در" مضاف وقوله "من لامها" اسم موصول مضاف إليه، وقد فصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف وهو قوله "اليوم".
[٢٧٠] هذا البيت من كلام أبي حية النميري، واسمه الهيثم بن الربيع، وهو من شواهد سيبويه "١/ ٩١" وابن جني في الخصائص "٢/ ٤٠٥" والأشموني "رقم ٦٦٢" وابن هشام في أوضح المسالك "رقم ٣٥٨" وابن عقيل "رقم ٢٤٠" وشرحه العيني "٣/ ٤٧٠ بهامش الخزانة" ورواه ابن منظور "ع ج م" غير أنه روى صدره:
كتحبير الكتاب بكف يوما
وصف أبو حية رسوم الدار فشبهها بالكتاب في دقتها والاستدلال بها، وخص اليهودي لأن اليهود هم أهل الكتابة، وجعل كتابته بعضها متقاربًا وبعضها مفترقًا متباينًا لاقتضاء آثار الديار تلك الصفة والحال، ومعنى قوله "يزيل" يفرق ما بينها ويباعد. ومحل الاستشهاد بالبيت قوله "بكف يوما يهودي" فإن قوله "كف" مضاف إلى قوله "يهودي" وقد فصل بينهما بالظرف وهو قوله "يوما" وهذا الظرف أجنبي من المضاف إذ لا عمل له فيه، وهو نظير بيت عمرو بن قميئة "رقم ٢٦٩" ونظيرهما قول الآخر وهو من شواهد الأشموني "رقم ٦٥٨":
فرشني بخير لا أكونن ومدحتي ... كناحت يوما صخرة بعسيل
ومحل الاستشهاد به في قوله "كناحت يوما صخرة" فإن قوله "ناحت" مضاف إلى قوله "صخرة" وقد فصل بينهما بالظرف وهو قوله "يوما" غير أن هذا الظرف متعلق بالمضاف الذي هو قوله ناحت، لأن هذا المضاف اسم فاعل يعمل عمل الفعل فيجوز أن يتعلق به الظرف، ونظيره قول الآخر وهو من شواهد سيبويه "١/ ٩٠" وابن يعيش "ص٣٣٩".
رب ابن عم لسليمى مشمعل ... طباخ ساعات الكرى زاد الكسل
عند من رواه بجر "زاد الكسل" فإن هذه الرواية تخرج على أن قوله "طباخ" مضاف إلى قوله "زاد الكسل" وقد فصل بينهما بالظرف وهو قوله "ساعات الكرى" وهذا الظرف منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم، ويروى بنصب "زاد الكسل" وتخرج على أنه أضاف قوله "طباخ" إلى "ساعات الكرى" ويكون قوله "زاد الكسل" مفعولا به لقوله طباخ، وفاعله ضمير مستتر فيه، ونظيره تمامًا ما أنشده سيبويه.
يا سارق الليلة أهل الدار
يروى بنصب "أهل الدار" على أنه أضاف قوله "سارق" إلى الظرف، ويروى بجر "أهل الدار" على أنه أضاف قوله "سارق" إلى قوله "أهل الدار" وفصل بينهما بالظرف الذي هو قوله "الليلة".

<<  <  ج: ص:  >  >>