ففصل بين المضاف والمضاف إليه؛ لأن تقديره: هما أخوا من لا أخا له في الحرب؛ لأن الظرف١ وحرف الجر يتسع فيهما ما لا يتسع في غيرهما، فبقينا فيما سواهما على مقتضى الأصل.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما ما أنشدوه فهو مع قلّته لا يعرف قائله؛ فلا يجوز الاحتجاج به.
وأما ما حكى الكسائي من قولهم "هذا غلامُ واللهِ زيدٍ" وما حكاه أبو عبيده عن بعض العرب من قولهم "فتسمع صَوْتَ والله رَبِّهَا" فنقول: إنما جاء ذلك في اليمين لأنها تدخل على أخبارهم للتوكيد، فكأنهم لما جازوا بها موضعها استدركوا ذلك بوضع اليمين حيث أدركوا من الكلام؛ ولهذا يسمونها في مثل هذا النحو "لغوًا" لزيادتها في الكلام في وقوعها غير موقعها.
والذي يدل على صحة هذا أنا أجمعنا وإياكم على أنه لم يجئ عنهم الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير اليمين في اختيار الكلام.
وأما قراءة من قرأ من القراء:{وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} فلا يَسُوغُ لكم الاحتجاج بها: لأنكم لا تقولون بموجبها؛ لأن الإجماع واقع على امتناع الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول في غير ضرورة الشعر، والقرآن ليس فيه ضرورة، وإذا وقع الإجماع على امتناع الفصل [به] بينهما في حال الاختيار سقط الاحتجاج بها على حالة الاضطرار، فبان أنها إذا لم يجز أن تجعل حجّة في النظير لم يجز أن تجعل حجة في النقيض.
والبصريون يذهبون إلى وَهْي هذه القراءة وَوَهْم القارئ؛ إذ لو كانت صحيحة لكان ذلك من أفصح الكلام، وفي وقوع الإجماع على خلافه دليل على وَهْيِ القراءة، وإنما دعا ابن عامر إلى هذه القراءة أنه رأى في مصاحف أهل الشأم "شركائهم" مكتوبا بالياء ومصاحف أهل الحجاز والعراق "شركاؤهم" بالواو، فدلّ٢ على صحة ما ذهبنا إليه، والله أعلم.
= والاستشهاد في قوله "معتاد" في الهيجا مصابرة" فإن قوله "معتاد مضاف إلى قوله "مصابرة" وقد فصل بينهما بالجار والمجرور وهو قوله "في الهيجا" وأصل الكلام: لأنت معتاد مصابرة في الهيجا.