وقلن له اسجد لليلى فأسجدا والنصرانة: واحدة النصارى، والمذكر عند الخليل نصران، وجعله نظير ندمان وندمانة وندامى، وقال ابن بري: قوله أن النصارى جمع نصران ونصرانة إنما أريد بذلك الأصل دون الاستعمال، وإنما المستعمل في الكلام نصراني ونصرانية، وإنما جاء نصرانة في بيت الأخزر على جهة الضرورة، وقوله "لم تحنف" أي لم تختتن، هذا أشبه ما يراد بهذه الكلمة ههنا، ويأتي تحنف بمعنى اعتزل الأصنام، وبمعنى عمل عمل الحنيفية، ومحل الاستشهاد بالبيت قوله "كلتاهما خرت وأسجد رأسها" حيث أعاد الضمير على "كلتا" مفردًا في قوله "خرت" وفي قوله "رأسها" فهذا يدل على أن "كلتا" عنده لها جهة إفراد، وإلا لما صح عود الضمير مفردًا عليها؛ لأن ضمير الغيبة يجب أن يطابق مرجعه إفرادًا وتثنية وجمعًا، وقد أجمع أهل البلدين على أن "كلتا" من جهة المعنى مثنى فلم يبقَ إلا جهة اللفظ، فوجب أن يكون "كلتا" مفردًا لفظًا. [٢٨١] خط -بالبناء للمجهول- كتب، تقول: "خط فلان بالقلم، أو غيره، من مثال مد" أي كتب، و"خط الشيء يخطه" كتبه، والصحيفة: ما يكتب فيه، وتجمع على صحائف وهو قياس نظرائها، وتجمع أيضًا على صحف -بضم الصاد والحاء جميعًا- وفي التنزيل العزيز: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} ونظير صحيفة وصحف قولهم: سفينة وسفن، شبهوهما بما لا تاء فيه من نحو قضيب وقضب وقليب وقلب، ومن العلماء من يثبت صحيفا -بغير تاء- فيكون الصحف جمع صحيف، كما أثبتوا سفينًا أيضًا -فيكون السفن جمع سفين، وقد يقال: إنهم جمعوا صحيفة وسفينة على صحيف وسفين ثم جمعوا صحيفًا وسفينًا الجمع على صحف وسفن، وانظر إلى قول طرفة بن العبد البكري: عدولية أو من سفين ابن يامن ... يجور بها الملاح طورًا ويهتدي تجد قوله: "أو من سفين ابن يامن" دالًا على الجمع، فيكون ما ذهبنا إلى أدق وأقيس وقوله "ولا الموت أروح" من قولهم "روح الشيء يروح روحًا -مثل فرح يفرح فرحًا" إذا كان أجلب للراحة. والاستشهاد بالبيت في قوله "كلتاهما قد خط" حيث أعاد الضمير إلى "كلتاهما" مفردًا في قوله "قد خط" فذلك يدل على أن لكلتا جهة إفرادًا، وهي جهة لفظه، لأنه من جهة المعنى مثنى باتفاق من الكوفيين والبصريين جميعًا على نحو ما قررناه في الشواهد السابقة، وكان من حق العربية عليه أن يقول "فكلتاهما قد خطت" فيؤنث الفعل؛ =