للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فترك صرف "عُرْيَان" وهو منصرف؛ لأن مؤنثه عُرْيَانَة لا عَرْيَا.

وقال الآخر:

[٣١٦]

قالت أميمة ما لِثَابِتَ شاخصًا ... عَارِي الأَشَاجِعِ نَاحِلًا كالمُنْصُلِ

فترك صرف "ثابت" وهو منصرف، وقال العباس بن مرداس السُّلمِي:

[٣١٧]

فَمَا كان حِصْنٌ ولا حَابِسٌ ... يفوقان مرداس في مَجْمَعِ


= وأدعج، فوجب في الالف والنون أن تكون صيغة المؤنث غير صيغة المذكر حتى يتم الشبه بين الفرع والأصل، فإن وجدت كلمة فيها الوصفية والألف والنون الزائدتان، وكان لها مؤنثان أحدهما على فعلانة بزيادة تاء التأنيث والآخر على فعلى بالألف المقصورة فإن هذه الكلمة تكون ذات وجهين، كل وجه منهما يرجع إلى لغة غير التي يرجع إليها الوجه الآخر، ومن أمثلة ذلك عطشان وغضبان، فإن جمهور العرب يقولون في مؤنثهما عطشى وغضبى، وعلى هذا يكون عطشان وغضبان، ممنوعين من الصرف، وبنو أسد وحدهم يقولون في مؤنثهما: عطشانة وغضبانة، وعلى هذا يكون عطشان وغضبان مصروفين، وشيء آخر في "عريان" يدلك على أنه مصروف، وذلك أن الألف والنون الزائدين لا يكونان مانعين من الصرف مع الوصفية إلا فيما كان أوله مفتوحًا كجميع الأمثلة التي ذكرناها، وعريان مضموم الأول، فأنت لا تحتاج في معرفة أنه لا يمنع من الصرف إلى جديد.
[٣١٦] أميمة: من أسماء النساء، وأصلها تصغير أم، وقوله "ما لثابت" أي ما الذي طرأ عليه بعدنا حتى غيّر حاله، وشاخصًا: يحتمل وجهين، أولهما: أن يكون مأخوذًا من قولهم "شخص بصر فلان فهو شاخص" إذا فتح عينيه وجعل لا يطرف، ويكون ذلك عند الذهول أو مشارفة الموت، والثاني: أن يكون مأخوذًا من قولهم "شخص فلان بشخص شخوصًا" أي سار من بلد إلى بلد، تريد أنه متهيّئ للرحيل، والأول أقرب لما بعده، وقوله "عاري الأشاجع" تريد أنه هزل وضعف، وناحلا: أي قد شحب لونه وتغير وضعف جسمه وهزل، والمنصل -بضم الميم وصاده مضمومه أو مفتوحة- السيف، ولم يجئ على هذين الوزنين غير هذه الكلمة وقولهم "منخل" -بضم ميمه وخائه وبضم الميم وفتح الخاء- ومحل الاستشهاد هنا بهذا البيت قوله "ما لثابت" حيث منع "ثابت" من الصرف مع أنه ليس فيه إلا العلمية، على نحو ما قررناه في الشواهد السابقة، وفي قوله "عاري الأشاجع" شاهد للنحاة، حيث لم يظهر الفتحة التي يقتضيها الإعراب على ياء "عاري" فإن هذه الكلمة حال من ثابت مثل قوله "شخاصا" الذي قبله، وقد عامل الشاعر الاسم المنقوص في حال النصب معاملة الاسم المنقوص المرفوع والمجرور، ولذلك نظائر كثيرة في العربية.
[٣١٧] هذا البيت من كلام العباس بن مرداس السلمي، يقوله لسيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن وزع غنائم حنين فأعطى عيينة بن حصن الفزاري والأقرع بن حابس وغيرهما من المؤلفة قلوبهم أكثر مما أعطى العباس بن مرادس، فغضب العباس فقال أبياتًا منها هذا البيت، وهو من =

<<  <  ج: ص:  >  >>