للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمنزلة الاسم، وهي الأصل في عوامل النصب في الفعل على ما بيَّنا قبل، وجاز أن تعمل "أن" الخفيفة مع الحذف دون أنّ الشديدة، وإن كانت الشديدة أقوى من الخفيفة؛ لأن الشديدة من عوامل الأسماء، والخفيفة من عوامل الأفعال، وعوامل الأسماء أقوى من عوامل الأفعال؛ لأن الفاء ههنا صارت دالة عليها، فصارت في حكم ما لم يحذف، وكذلك الواو وأو ولام كي ولام الجحود وحتى، وصارت دالة عليه، فجاز إعمالها مع الحذف، بخلاف "أن" الشديدة فإنه ليس في اللفظ ما يدل على حذفها، فبان الفرق بينهما.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: قولهم "إن الجواب لما كان مخالفا لما قبله وجب أن يكون منصوبًا على الخلاف" قلنا: قد أجبنا عن هذا في غير موضع فيما مضى؛ فلا نعيده ههنا.

وأما من ذهب إلى أنها هي العاملة لأنها خرجت عن بابها؛ قلنا: لا نسلم، فإنها لو كانت هي الناصبة بنفسها، وأنها قد خرجت عن بابها لكان ينبغي أن يجوز دخول حرف العطف عليها، نحو "ايتني وفأكرمك وفأعطيك" وفي امتناع دخول حرف العطف عليها دليل على أن الناصب غيرها، ألا ترى أن واو القسم لما خرجت عن بابها جاز دخول حرف العطف عليها، نحو "فوالله لأفعلن، ووالله لأذهبن" لأن الحرف إنما يمتنع دخوله على حرف مثله إذا كانا بمعنى واحد، فلما امتنع دخول حرف العطف ههنا على الفاء دلَّ أنها باقية على حكم الأصل، فلا يجوز أن يدخل عليها حرف العطف، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>