وقد كان حيانا عدوين في الذي ... خلا؛ فعلى من كان في الدهر فارتبي إلى اليوم لم تحدث إليكم وسيلة ... ولم تجدوها عندنا في التنسب جزيناهم أمس العظيمة؛ إننا ... متى ما تكن منا الوثيقة نطلب وإنما روينا لك هذه الأبيات لتعلم أن روي هذه القصيدة مكسور لأن لذلك مدخلا في بيان الاستشهاد بالبيت، والبيت من شواهد رضي الدين في باب الجوازم، وشرحه البغدادي في الخزانة "٣/ ٦٤٢" وقوله "وللخيل أيام" مبتدأ مؤخر وخبر مقدم، وقوله: "من يصطبر لها" من اسم شرط، والفعل بعده مجزوم به على أنه فعل الشرط، وقوله "ويعرف لها أيامها" الفعل معطوف على فعل الشرط، ولهذا كان مجزوما، والخير: مفعول مقدم لتعقب، وتعقب الخير، أي تحدث الخير في عاقبة أمرها، ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله "الخير تعقب" فإنه قوله تعقب فعل مضارع واقع جواب الشرط الذي هو "من" والدليل على أنه جواب الشرط أنه مكسور للرويّ، ولا يجوز أن يكون هذا الفعل مرفوعًا ولا أن يكون منصوبًا، لأنهم لا يستسيغون كسر الفعل المضارع لأجل الروي إلا أن يكون مجزومًا، والسر في هذا يرجع إلى أمرين، الأول: أن الجزم في الأفعال نظير الجر في الأسماء، كل واحد منهما يختص به قبيل منهما، فالجر يختص به الاسم، والجزم يختص به الفعل، فلما وجب تحريك الفعل المضارع المجزوم لأجل الرويّ حركوه بالحركة التي يختص بها نظيره وهي الكسرة، والوجه الثاني: أن الفتحة والضمة يدخلان الفعل المضارع؛ فلو أنهم حركوا المضارع المجزوم بالفتحة أو الضمة حين تدعوهم الحاجة إلى تحريكه لالتبس الأمر فلم يعرف أهذه الحركة أصلية أم عارضة لأجل الروي، ولكن إذا كسروا آخره للرويّ وقد علم أن الكسر لا يدخله بالأصالة علم من أول وهلة أن هذه الكسرة طارئة وليست أصلية، وهذا ظاهر إن شاء الله أبلغ الظهور، ومتى عرف أن هذا الفعل المضارع مجزوم وقد سبقه أداة شرط وفعل الشرط علم أنه جواب الشرط. وأن كلمة "الخير" مفعول به لهذا الفعل تقدم عليه؛ فدل ذلك على أنه يجوز تقديم الاسم المنصوب بجواب الشرط مع أن جواب الشرط مجزوم؛ فهذا إيضاح كلام المؤلف في هذا الموضوع وبيانه بأوضح عبارة، والله سبحانه أعلى وأعلم.