للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخْبَر به ويُخْبَر عنه وهو الاسم نحو" اللهُ ربُّنا، ومحمدٌ نبيُّنا" وما أشبه ذلك، فأخبرتَ بالاسم وعنه، ومنها ما يُخْبَر به ولا يُخْبَر عنه، وهو الفعل، نحو "ذهب زيد، وانطلق عمرو" وما أشبه ذلك، فأخبرت بالفعل، ولو أخبرت عنه فقلت "ذهب ضرب، وانطلق كتب" لم يكن كلامًا؛ ومنها ما لا يخبر به ولا يخبر عنه، وهو الحرف، نحو "من، ولن، وبل" وما أشبه ذلك؛ فلما كان الاسم يخبر به ويخبر عنه، والفعل يخبر به ولا يخبر عنه، والحرف لا يخبر به ولا يخبر عنه، فقد سما [الاسم] على الفعل والحرف: أي عَلَا، فدلَّ على أنه من السُّمُوِّ والأصل فيه سِمْوٌ على وزن فِعْلٍ١ – بكسر الفاء سكون العين– فحذف اللام التي هي الواو وجعلت الهمزة عوضًا عنها، ووزنه إِفْعٌ؛ لحذف اللام منه.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: قولهم "إنما قلنا إنه مشتق من الوَسْم لأن الوَسْم في اللغة العلامة، والاسم وَسْمٌ على المسمَّى وعلامة عليه يعرف به" قلنا: هذا وكان صحيحًا من جهة المعنى إلا أنه فاسد من جهة اللفظ، وهذه الصناعة لفظية، فلا بدَّ فيها من مراعاة اللفظ. ووجه فساده من جهة اللفظ من خمسة أوجه:

الوجه الأول: أنَّا أجمعنا على أن الهمزة في أوله همزة التعويض، وهمزة التعويض إنما تقع تعويضًا عن حذف اللام، لا عن حذف الفاء٢، ألا ترى أنهم


١ اعلم أولًا أن العرب قد قالوا "اسم" بكسر همزة الوصل وبضمها أيضًا، وقالوا "سم" بكسر السين وضمها أيضًا وجعل حركات الإعراب على الميم، وقالوا "سما" مقصورًا على مثال هدى وتقى وضحى، وستأتي هذه اللغات مع الشواهد التي ساقها المؤلف، ثم اعلم أن النحاة قد اختلفوا في وزن "سمو" على مذهب البصريين؛ فمنهم من قال: أصله سمو -بكسر السين وسكون الميم- ونظيره من الصحيح حمل وجذع، ومن المعتلّ قنو، فمن حذف الواو ولم يعوّض من المحذوف شيئًا أبقى السين على كسرتها التي كانت لها، ومن حذف الواو وعوّض من المحذوف همزة الوصل ألقى كسرة السين على الهمزة فصارت السين ساكنة، ومنهم من قال: أصله سمو-بضم السين وسكون الميم- ونظيره من الصحيح قُفْل وقُرْط، ومن المعتل عُضْو، فمن حذف الواو ولم يعوّض أبقى ضمه السين على حالها، ومن حذف الواو وعوض منها همزة الوصل ألقى ضمة السين على الهمزة، ثم اعلم أن جمع الاسم على "أسماء" لا يقوي أحد هذين الرأيين ولا يرشحه، وذلك لأن أفعالًا من أوزان الجموع يكون لفعل المكسور أوله الساكن ثانيه كما يكون لفعل المضموم أوله الساكن ثانيه الصحيح والمعتل في ذلك سواء، فأنت تقول: أحمال، وأجذاع، وأقناء، وأقفال، وأقراط، وأعضاء.
٢ اعلم أولًا أن العرب قد حذفوا فاء الكلمة أحيانًا، وحذفوا لام الكلمة أحيانا أخرى، وأن هذا الحذف قد يكون لعلّة تصريفية، وقد يكون اعتباطًا لا لعلّة تصريفية اقتضته ولا لسبب أوجبه إلا مجرد التخفيف، وأنهم قد يحذفون ويعوضون من المحذوف شيئًا، وقد يحذفون ولا يعوضون من المحذوف شيئًا أصلًا، فأما المحذوف لعلّة تصريفية فلا نريد أن نتعرض له لأنه مبين في كتب التصريف بعلله وأسبابه التي اقتضته، وأما الحذف لغير علّة تصريفية استوجبته فهو موضوع حديثنا =

<<  <  ج: ص:  >  >>