للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: ولكن الغنى غنى رب غفور، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.

والشواهد على هذا النحو أكثر من أن تُحْصَى؛ فعلى هذا يكون قد أجرى قوله "متقلديها" -وهو اسم فاعل- على ذلك المحذوف، فلا يفتقر إلى إبراز الضمير.

وأما قولهم "إن الإضمار في اسم الفاعل إنما كان لشبه الفعل وهو يشابه الفعل إذا جرى على غير مَنْ هو له" قلنا: فلكونه فرعًا على الفعل وجب فيه إبراز الضمير ههنا؛ لئلا يؤدي إلى التسوية بين الأصل والفرع، ولما يؤدي إليه تركُ الإبراز من اللَّبس على ما بيّنا، والله أعلم.


= يربه" تعني أنه أصلحه، ومن ذلك قول الشاعر:
يرب الذي يأتي من العرف أنه ... إذا سئل المعروف زاد وتمما
ومعنى قول الشاعر "ولكن الغنى رب غفور" ولكن الغنى مصلح لفساد أموره ساتر لمساويه، وهذا معنى مستقيم من غير تقدير، والوجه الثاني: أنا نسلم جدلًا أن كلمة الرب على المعنى الذي تبادر إلى ذهن المؤلف، لكن لا نسلم مع ذلك أن الكلام يحتاج إلى تقدير المضاف، بل تقدير المضاف يفسد المعنى، وذلك لأن الشاعر يريد تشبيه الغنى بالرب الغفور، والمعنى على هذا أن الناس يرون عيوب الرجل الغني قليلة ولو كانت أكثر من زبد البحر، وذلك لأن غناه يغطي عليها ويسترها، وتأمل ذلك جيدًا، ولا تكن أسير التقليد.

<<  <  ج: ص:  >  >>