للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفعول "سابق"، وقال الشاعر:

[٤١٤]

فَأَلْفَيْتُهُ غيرَ مُسْتَعْتِبٍ ... ولا ذاكر اللهَ إلا قليلًا


[٤١٤] ينسب هذا البيت لأبي الأسود الدؤلي، وهو من شواهد سيبويه "١/ ٨٥" وابن جني في الخصائص "١/ ٣١١" والزمخشري في المفصل، وابن يعيش في شرحه "ص١٢٣٥" ورضي الدين في باب التنوين من شرح الكافية، وشرحه البغدادي في الخزانة "٤/ ٥٥٤" وابن هشام في مغني اللبيب "رقم ٨٠٨" وابن الشجري في أماليه "١/ ٣٤٦" والزمخشري في تفسير سورة آل عمران من الكشاف "١/ ١٥٢ بولاق" وألفيته: أي وجدته، وانظر شرح الشاهد ٣٧٤ السابق في المسألة ٧٨، ومستعتب: أي طالب العتبى، وهي الرضا، والاستشهاد بالبيت يستدعي أن نقدم لك بين يدي بيانه بحثا في ذكر المواضع التي يحذف فيها التنوين من الاسم وجوبًا، فنقول: إنما يحذف التنوين من الاسم وجوبا في ثمانية مواضع؛ الأول: بسبب الإضافة، نحو قولك: زيد ضارب بكر، والثاني: بسبب شبه الإضافة نحو قولك: لا مال لزيد عندك، إذا لم تقدر هذه اللام مقحمة، فإن قدرتها مقحمة كان حذف التنوين بسب إضافة مال إلى زيد، فيكون من النوع الأول: والثالث: بسبب اقتران الاسم بأن نحو الضارب والرجل والغلام، والرابع: بسبب وجود علتين يقتضيان المنع من الصرف نحو فاطمة وأحمد وضوارب، والخامس: بسبب اتصال الضمير بعامله نحو ضاربك وصاحبك، إذا قدرت الضمير في محل نصب على المفعولية، فإن جعلته في محل جر بالإضافة كان من النوع الأول، والسادس: بسبب البناء، وذلك في النداء واسم لا نحو يا رجل لمعين ولا رجل عندك، والسابع: بسبب كون الاسم علما موصوفا بابن مضاف إلى علم نحو يا زيد بن عمرو، والثامن: بسبب الوقف في غير المنصوب، أما في المنصوب فإن التنوين يقلب ألفا في المشهور من لغة العرب، وربيعة تعامل المنصوب معاملة غيره. إذا عرفت هذا فاعلم أن محل الاستشهاد بهذا البيت قوله "ولا ذاكر الله" والرواية فيه بنصب لفظ الجلالة على التعظيم، وهو معمول لذاكر، وكان من حق العربية عليه أن ينون "ذاكر" لكنه حذف التنوين لضرورة الشعر، وقد كان يمكنه أن يضيف "ذاكر" إلى لفظ الجلالة؛ فيكون حذف التنوين حينئذ واجبًا، لا ضرورة، لكنه آثر أن يرتكب الضرورة على حذفه للإضافة لقصد حصول التماثل بين المتعاطفين في التنكير، قال سيبويه "وزعم عيسى أن بعض العرب ينشد هذا البيت لأبي الأسود الدؤلي:
فألفيته غير مستعتب ... ولا ذاكر الله ... البيت
لم يحذف التنوين استخفافا ليعاقب المجرور، ولكنه حذفه لالتقاء الساكنين كما قال رمى القوم، وهذا اضطرار، وهو مشبه بذلك الذي ذكرت لك" ا. هـ. وقال الأعلم "الشاهد فيه حذف التنوين من ذاكر لالتقاء الساكنين ونصب ما بعده، وإن كان الوجه إضافته، وفي حذف تنوينه لالتقاء الساكنين وجهان: أحدهما أن يشبه بحذف النون الخفيفة إذا لقيها ساكن كقولك: اضرب الرجل، تريد اضربن، والوجه الثاني: أن يشبه بما حذف تنوينه من الأسماء الأعلام إذا وصف بابن مضاف إلى علم كقولك: رأيت زيد بن عمرو، وأحسن ما يكون حذف التنوين للضرورة في مثل قولك: هذا زيد الطويل؛ لأن النعت والمنعوت كالشيء الواحد، فيشبه بالمضاف والمضاف إليه" ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>