أحدهما: أن تثنية عمي وشجي على حدّ تثنية زيدان وعمران، بخلاف "ذا، والذي" على ما بينّا.
والثاني: أن ياء شجي وعمي يدخلها النصب، نحو "رأيت عميًا وشجيًا" بخلاف الياء في "الذي" فإنها لا يدخلها النصب، بل يلزمها السكون أبدًا؛ فبان الفرق بينهما.
وأما قولهم:"إن الاسم هو الذال وحدها وما زيد عليها تكثير لهما" قلنا: لو كان كما زعمتم لكان ينبغي أن يقتصر في "الذي" على زيادة حرف واحد، كما زدتم في "ذا" فأما زيادة أربعة أحرف فهذا ما لا نظير له في كلامهم، على أنَّا قد بيّنَّا فساد كونها زائدة.
وأما قولهم:"الدليل على أن الأصل فيهما السكون نحو قول الشاعر:
قلنا: لو جاز أن يستدل بهذه اللغة على أن الأصل فيها السكون لجاز لآخر أن يستدل على أن الأصل فيها الحركة باللغات الأخر؛ فإن فيها أَرْبَعَ لُغَاتٍ: إحداها "الذي" بياء ساكنة وهي أفصح اللغات، والثانية "الذي" بياء مشددة كما قال الشاعر:
[٤٢٦]
وليس المال فاعلمه بمالٍ ... من الأقوام، إلا للَّذِيِّ
يريد به العلاءَ ويَمْتَهِنْهُ ... لأقرب أَقْرَبِيهِ وللقَصِيِّ
[٤٢٦] هذان البيتان أنشدهما ابن منظور "ل ذ ي" من غير عزو، وهما من شواهد رضي الدين في باب الموصول من شرح الكافية، وقد شرحهما البغدادي في الخزانة "٢/ ٤٩٧" وقد رواهما ابن الشَّجَرِي في المجلس الرابع والسبعين من أماليه، ويروى "ينال به العلاء" ويروى "ويصطفيه" ومعناه يختاره، ويمتهنه في رواية المؤلف بمعنى يهينه، وهو مجزوم بلام أمر مقدرة -أي وليمتهنه- للضرورة، وقوله "لأقرب" متعلق بيصطفيه أو بيمتهنه، والقصيّ: البعيد، يقول: ليس المال على وجه الحقيقة بمملوك لأحد من الناس إلا لرجل يريد به أن يبلغ أعلى درجات الرفعة وعلو القدر ويختاره ليعطي منه القريب والبعيد من غير تفرقة. ومحل الاستشهاد من البيتين قوله "للذي" حيث وردت هذه الكلمة بذال مكسورة وياء مشددة مكسورة، وكسر هذه الياء كسرة بناء وليست الكسرة التي تقتضيها اللام في الاسم المعرب، وذلك لأن الموصولات كلها مبنية لشبهها بالحرف شبهًا افتقاريًّا، وتشديد الياء في "الذي" وفي "التي" لغة من لغات العرب، وقد مضت لغة أخرى في الشواهد ٤٢٢-٤٢٥ وستأتيك لغة أخرى في الشاهد ٤٢٧ فإذا ضممت هذه اللغات إلى اللغة الأصلية -هي ثبوت الياء ساكنة- كانت أربع لغات، والمؤلف بصدد تعدادها.