للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنك تقول: "مررت بزيد الظريف وزيد آخَرَ، ومررت بعمرو العاقل وعمرو آخر" وكذلك إذا ثنَّيت الاسم العلم أو جمعته نكَّرته نحو "زيدان والزيدان، وعمران والعمران، وزيدون، والزيدون، وعمرون، والعمرون" فتدخل عليه الألف واللام في التثنية والجمع، ولا تدخلان إلا على النكرة؛ فدلَّ على أنه يقبل التنكير، بخلاف الاسم المبهم؛ فإنه لا يقبل التنكير؛ لأنك لا تصفه بنكرة في حال من الأحوال، ولا تنكره في التثنية والجمع فتدخل عليه الألف واللام فتقول: الهَاذَانِ؛ فدلّ على أنه لا يقبل التنكير، وما لا يقبل التنكير أعرف مما يقبل التنكير، فتنزل منزلة المضمر، وكما أن المضمر أعرف من الاسم العلم فكذلك المبهم.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إن الاسم العلم أعرف من المبهم لأن الأصل في الاسم العَلَم أن يوضع لشيء بعينه لا يقع على غيره من أمته، وإذا كان الأصل فيه أن لا يكون له مشارك أشبه ضمير المتكلم، وكما أن ضمير المتكلم أعرف من المبهم فكذلك ما أشبهه.

والذي أذهب إليه ما ذهب إليه الكوفيون.

وأما الجواب عن كلمات البصريين: أما قولهم: "إن الأصل في الاسم العلم أن يوضع لشيء بعينه لا يقع على غيره" قلنا: وكذلك الأصل في جميع المعارف، ولهذا يقال: حدّ المعرفة ما خص الواحد من الجنس، وهذا يشتمل على جميع المعارف، لا على الاسم العلم دون غيره، على أنَّا نسلم أن الأصل في الاسم العلم ما ذكرتموه، إلا أنه قد حصل فيه الاشتراك، وزال عن أصله وَضْعِهِ، ولهذا افتقر إلى الوصف، ولو كان باقيا على الأصل لما افتقر إلى الوصف؛ لأن الأصل في المعارف أن لا توصف؛ لأن الأصل فيها أن يقع لشيء بعينه، فلما جاز فيه الوصف دلّ على زوال الأصل، فلا يجوز أن يحمل على المضمر الذي لا يزول عن الأصل ولا يفتقر إلى الوصف في أنه أعرف من المبهم، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>