للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز أن يؤتى به على الأصل فيقال فيه "المغير" بالضم. ويحتمل أن يكون من "غار أهله يغيرهم غيرًا" إذا مَارَهُم، وكذلك يجوز أن يقال في يُسروع بالضم "يَسروع" بالفتح على الأصل، وقد قالوا إنه أسروع١ أيضا، وكذلك يجوز أن يقال في "يُعْفُر" بالضم "يَعْفُر" بالفتح على الأصل، وكذلك يجوز أن يقال في قولهم هو أخوك لأمك بالكسر "هو أخوك لأمك" بالضم على الأصل، وأما قراءة من قرأ: "الْحَمْدِ لِلَّه" [الفاتحة: ٢] بكسر الداد وقراءة من قرأ: {الْحَمْدُ لِلَّه} [الفاتحة: ٢] بضم اللام فهما قراءتان شاذتان في الاستعمال ضعيفتان في القياس: أما شذوذهما في الاستعمال فظاهر، وأما ضعفهما في القياس فظاهر أيضا: أما كسر الدال فإنما كان ضعيفا لأنه يؤدّي إلى إبطال الإعراب، وذلك لا يجوز، وأما ضم اللام فإنما كان ممتنعا لأن الإتباع لما كان في الكلمة الواحدة قليلًا ضعيفًا كان مع الكلمتين ممتنعا البتة؛ لأن المنفصل لا يلزم لزوم المتصل، فإذا كان في المتصل ضعيفا امتنع في المنفصل البتة، لأنه ليس بعد الضعف إلا امتناع الجواز؛ لأن حركة الإعراب لا تلزم؛ فلا يكون لأجلها إتباع، وإذا كان الإتباع في كلامهم بهذه المثابة دلَّ على أنه ليس الأصل في حركة همزة الوصل أن تتبع حركَةَ العين.

والذي يدل على أن حركتها ليست إتباعا لحركة العين في نحو "اضرب، وادخل" أنه لو كان الأمر كذلك لكان ينبغي أن يقال في ذهب يذهب "اذهب" بفتح الهمزة؛ لأن عين الفعل منه مفتوحة، فلما لم يجز ذلك وقيلت بالكسر علم أن أصلها أن تكون متحركة بالكسر، وإنما ضمت في "ادخل" ونحوه لئلا يخرجوا من كسر إلى ضم لأنه مستثقل، ولم يفعلوا ذلك في "اذهب" لأن الخروج من كسر إلى فتح غير مستثقل؛ فجيء بها على الأصل وهو الكسر.

وأما قول من قال "إن الأصل فيها أن تكون ساكنة؛ لأن همزة الوصل زائدة، وإذا كانت زائدة كان تقديرها ساكنة أولى من تقديرها متحركة؛ لأن الزيادة كلما كانت أقل كانت أولى" قلنا: الكلام على هذا من وجهين.

أحدهما: القاصد للفظ بالساكن إذا قدَّر اجتلاب حرف ساكن -مع علمه بأنه لا يلفظ به- كان تقديره محالا، ولو جاز أن يقال ذلك لجاز أن يقال: إن الاسم يوضع أولا على سكون الأول ثم يتحرك؛ لأن الابتداء بالساكن محال، ثم يلزمه على هذا أن لا يثبت حركة في لفظ إلا لضرورة، وأن يسكن كل حرف


١ وقد جاء جمعه في قول امرئ القيس:
وتعطو برخص غير شئن كأنه ... أساريع ضبي أو مساويك إسحل

<<  <  ج: ص:  >  >>