للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن هذه الأوصاف وما أشبهها لما لم تكن جارية على الفعل لم تلحقها علامة التأنيث، فكذلك ههنا.

والذي يدل على صحة ما ذكرناه أنهم لو حملوه على الفعل لدخلته علامة التأنيث؛ فقيل: طَلَقَتْ فهي طالقة، وطمثت فهي طامثة، وحاضت فهي حائضة، وحملت فهي حاملة، وقال الشاعر، وهو الأعشى:

[٤٦٦]

أيا جارتا بِينِي فإنك طالقه ... كذاك أمور الناس غادٍ وطارقه

وقال:

[٤٦٧]

تَمخَّضَتْ المَنُونُ له بيوم ... أَنَّى، ولكل حاملة تمام


= رسول الله عائشة بنت الصديق أبي بكر، رضي الله تعالى عنها وعن أبيها وقد أنشد هذا البيت ابن منظور "غ رث - ح ص ن - ر ز ن - ز ن ن" والحصان -بفتح الحاء- العفيفة، والرزان -بفتح الراء- أي ذات ثبات ووقار وعفاف، وهي مع ذلك رزينة في مجلسها، وما تزن -بالبناء للمجهول- أي ما تتهم، والريبة: التهمة وموضع الشك، وغرثي: وصف المؤنث من الغرث -بالتحريك- وهو الجوع، أو أيسره، أو أشده، والغوافل: جمع غافلة، يعني أنها لا تغتاب أحدا. ومحل الاستشهاد مجيء هذه الصفات -وهي حصان، ورزان- من غير تاء التأنيث، مع أنها جارية على مؤنث، وذلك بسبب كونها غير جارية على فعل.
[٤٦٦] هذا البيت مطلع القصيدة الحادية والأربعين من ديوان الأعشى ميمون بن قيس "د١٨٣ ط فينا" وقد أنشده ابن منظور "ط ل ق" وعزاه إليه، وأراد بالجارة زوجه، وبيني: أي فارقيني وابتعدي عني، وأصل معنى البين القطع، ومنه أخذ البين للفراق والبعد، لأنه قطع ما كان موصولا بين الأليفين، وقد علل طلبه منها أن تفارقه وتبتعد منه بقوله "فإنك طالقة" وقوله "كذاك أمور الناس غاد وطارقة" أي أن بعض ما يعرض للناس يعرض لهم في وقت الغدو، وبعضه يعرض لهم في وقت الطروق وهو الليل، ومحل الاستشهاد في هذا البيت قوله "طالقة" حيث أتى بهذا الوصف مؤنثا بتاء التأنيث مع أنه لا يوصف به إلا النساء، والسر في أنه أتى بهذا الوصف بتاء التأنيث هنا أنه حمله على معنى الفعل -وهو الحدوث- ألا ترى أن الشاعر يريد أن يقول لامرأته: ابتعدي عني فإنه قد جرى عليك الطلاق وحدث أو يحدث بعد أن لم يكن؟ قال ابن منظور "وكلهم يقول: امرأة طالق -بغير هاء- وأما قول الأعشى:
أيا جارتا بيني فإنك طالقة
فإن الليث قال: أراد طالقة غدا، وقال غيره: هي طالقة على الفعل، لأنه يقال لها: قد طلقت -بفتح الطاء واللام بعدها- فبنى النعت على الفعل" ا. هـ كلامه.
[٤٦٧] أنشد ابن منظور هذا البيت "ح م ل - أن ا" ونسبه في المرة الأولى إلى عمرو بن حسان، ثم قال: ويروى لخالد بن حق "هكذا" ورواه رابع أربعة أبيات "م خ ض" ونسبها لعمرو بن حسان أحد بني الحارث بن همام بن مرة، وأصل معنى تمخص تحرك، وقالوا: تمخص اللبن، أي تحرك في الممخضة، وقالوا: تمخض الولد، أي تحرك في بطن الحامل، وقالوا: تمخض الدهر بالفتنة، والدنيا تتمخّض بفتنة منكرة وتمخّضت المنون =

<<  <  ج: ص:  >  >>