للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بيّنا فساد ذلك مستقصى في مسألة المبتدأ والخبر؛ فلا نعيده ههنا.

وأما قولهم: "لو كان الفعل هو العامل في المفعول لكان يجب أن يليه ولا يفصل بينه وبينه" قلنا: هذا يبطل بإنَّ؛ فإنا أجمعنا على أنه يجوز أن يقال "إن في الدار لزيدًا، وإن عندك لعمرًا" قال الله سبحانه: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} [البقرة: ٢٤٨] وقال تعالى: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا} [المزمل: ١٢] فنصب الاسم بإنَّ وإن لم تَلِهِ فكذلك ههنا؛ وإذا لم يلزم ذلك في الحرف -وهو أضعف من الفعل؛ لأنه فرع عليه في العمل- فلأن لا يلزم ذلك في الفعل وهو أقوى كان ذلك من طريق الأولى، على أنا نقول: إن الفعل قد وَلِيَ المفعول؛ لأن الفعل لما كان أقوى من حرف المعاني صار يعمل عملين؛ فهذا بذاته رافع للفاعل وناصب للمفعول؛ لزيادته على حروف المعاني؛ فتقديره تقدير ما عمل وليس بينه وبين معموله فاصل، وإذا لم يكن بينه وبين معموله فاصل بان أنه قد وليه العامل١، فدلّ على أن العامل هو الفعل وحده.

وأما ما ذهب إليه الأحمر من إعمال معنى المفعولية والفاعلية فظاهر الفساد؛ لأنه لو كان الأمر كما زعم لوجب أن لا يرتفع ما لم يُسَمَّ فاعله نحو"ضُرِبَ زَيْدٌ" لعدم معنى الفاعلية، وأن يُنْصَبَ الاسم في نحو "مات زيدًا" لوجود معنى المفعولية، فلما ارتفع ما لم يسم فاعله مع وجود معنى المفعولية وارتفع الاسم في نحو "مات زيد" مع عدم معنى الفاعلية؛ دلّ على فساد ما ذهب إليه. والله أعلم.


١ كذا، ولعل الصواب"بان أنه قد وليه المعمول".

<<  <  ج: ص:  >  >>