قالوا: ولا يلزم على كلامنا، نحو "احْقَوْقَفَ الظَّبْيُ، واغْدَوْدَنَ الشَّعْرُ" وما أشبه ذلك، فإنه على وزن افْعَوْعَلَ؛ لأنا نقول: إنما قلنا إنه على وزن افعوعل؛ لأنه ليس في الأفعال ما هو على وزن "افْعَلَّل" فقلنا: إن وزنه على افعوعل، بخلاف ما هنا؛ فإن في الأسماء ما هو على وزن فَعَلَّل، نحو "سَفَرْجَلَ، فَرَزْدَقَ" وكذلك لا يلزم على كلامنا نحو "خُلَعْلَعَ" وهو الخُعَل، و"ذُرَحْرَح" وهو دويبة، فإنه على وزن فعلعل؛ لأنا نقول: إنما قلنا إنه على وزن فُعَلْعَل؛ لأنه ليس في الأسماء ما هو على وزن فُعَلَّل -بضم الأول- وإذا خرج لفظ عن أَبْنِيَةِ كلامهم دلَّ ذلك على زيادة الحرف فيه.
والذي يدل على ذلك أنهم قالوا في ذرحرح: ذُرَّاح، فأسقطوا أحد المثلين، ولو كان خماسيا لم يأتِ منه ذراح على وزن فُعَّال، نحو: كرَّام، وحسَّان؛ فبان الفرق بينهما.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إن وزنه فَعَلْعَلَ؛ لأن الظاهر أن العين واللام قد تكررتا فيه؛ فوجب أن يكون وزنه فَعَلْعَلَ، ألا ترى أنه إذا تكررت العين في نحو "ضرَّب وقتَّل" كان وزنه فَعَّل، أو تكرّرت اللام في نحو "احمرَّ واصفرَّ" كان وزنه افعلَّ؛ فكذلك ههنا: لما تكررت العين واللام في نحو "صمحمح ومكمك" يجب أن يكون وزنه فعلعل لتكرّرهما فيه، هذا حكم الظاهر، فمن ادَّعى قلبًا بقي مرتهنًا بإقامة الدليل.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم "إن الأصل صمحَّح، ودمكَّك" قلنا: هذا مجرد دَعْوَى لا يستند إلى معنًى، بل تكرير عين الفعل ولامه كتكرير فاء الفعل وعينه في مَرْمَرِيسٍ وهي الداهية، ومَرْمَرِيتٍ وهي القَفْر؛ لأنهما من١ المَرَاسَة والمَرْتِ، وأما تلك المواضع التي استشهدوا بها على الإبدال لاجتماع الأمثال؛ فهناك قام الدليل في ردّ الكلمة إلى أصلها، وذلك غير موجود ههنا.
وقولهم "لو جاز أن يقال إن وزن فعلعل -بتكرير العين- لجاز أن يقال: صرصر وسجسج، وزنه فَعْفَعَ لتكرير الفاء فيه" قلنا: هذا باطل، وذلك أن الحرف إنما يجعل زائدا في الاسم والفعل إذا كان على ثلاثة أحرف سواه، وهي فاء الفعل وعينه ولامه، وصرصر وسجسج لم يُوجَد فيه ذلك؛ فلو قلنا إن