جمع على فعائل لاختل الكلام وقل، فجمعت على فعالي، فقالوا: وصايا، وحشايا، وجعلت الواو في حشايا على صورة واحدها؛ لأن الواو صارت ياء في حشية، فدل على أن خطايا على وزن فعالي على ما بينا.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلوا إن وزنه فعائل، وذلك لأن خطايا جمع خطيئة؛ وخطيئة على وزن فعيلة، وفعيلة يجمع على فعائل؛ والأصل فيه ن يقال "خطايئ" مثل خطايع؛ ثم أبدلوا من الياء همزة؛ كما أبدلواها في صيحفة وصحائف؛ فصار خطائي مثل خطاعع؛ وقد حكى أبو الحين على بن حمزة الكسائي عن بعض العرب أنه قال: اللهم اغفر لي خطائئيه؛ مثل خطاععيه؛ فاجتمع فيه همزتان، فقلبت الهمزة الثانية ياء لكسرة قبلها، فصار خطائي مثل خطاعي، ثم أبدلوا من الكسرة فتحة ومن الياء الفا فصرا خطاءا مثل خطاعا، فاستثقلوا الهمزة بين الفين فأبلدوا منها ياء فصار خطايا.
وكأن الذي رغبهم في إبدال الفتحة من الكسرة والعود من خطائي إلى خطاءا أن يقلبوا الهمزة ياء فيعودوا بالكلمة إلى أصلها؛ لأن الهمزة الأولى من خطائيي منقلبة عن الياء في خطيئة، ولا يلزما على ذلك أن يقال في جائي "جايا" لأن الهمزة في جاء منقلبة عن عين الفعل، والهمزة في خطايا منقلبة عن ياء زائدة في خطيئة، ففضلوا الأصلي على الزائد؛ فلم يحلقوه من التغيير ما الحقوه الزائد.
وكذلك أيضا قالوا فيجمع هراوة "هراوي" وأداوة "أداوي" وكان الأصل هرائو وأدائو مثل هراع ووأداعو على مثل فعائل كرسالة ورسائل؛ لأنهم أبدلوا من الف هراوة وإداوة همزة كما أبدلوا في رسائل من الف رسالة همزة، ثم أبدلوا من الواو في هرائو وأدائو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، فصار هرائي وأدائي مثل هراعي وأداعي، ثم أبدلوا من الكسرة فتحة ومن الياء الأفا فصار هراءا وأداءا مثل هراعا وأداعا، فاستثقلوا الهمزة بين الفين، فأبلدوا من الهمزة واوا ليظهر في الجمع مثل ما كان في الواحد طلبا للتشاكل؛ وذلك لأن الجمع فرع على الواحد؛ فلا بأس بأن يطلب مشاكلته له.
والذي يدل على نهم فعلوا لك طلبا لمشاكلة أن ما لا يكون في واحدة واو لا يجيء فيه ذلك، فدل على ما قلناه.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم "إن الأصل أن يقال في ج مع خطيئة خطايئ مثل خطايع وإنما قدمت الهمزة على الياء" قلنا: ولم قلتم بالتقديم وهو على خلاف الأصل والقياس؟