للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك ههنا. علي أنه قد جاءت الحال معرفة في قولهم:

[٤٩٩]

[فـ] أَرْسَلَهَا العِرَاكَ [وَلَمْ يَذُدْهَا ... وَلَمْ يُشْفَقْ عَلَى نَغَصِ الدَّخَالِ]

وطلبته جَهْدَك، وطَاقَتَك، ورجع عَوْده على بدئه، إلى غير ذلك فدل على صحة ما ذهبنا إليه.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنَّ نَصْبَهما نَصْبُ المفعول لا على الحال لأنهما يقعان١ ضميرا في نحو قولهم: "كُنَّاهُم، وإذا لم نكنهم فمن ذَا يَكُونُهُمُ؟ " قال الشاعر:

[٥٠٠]

دَعِ الْخَمْرَ يَشْرَبُهَا الْغُوَاةُ فإِنَّنِي ... رَأَيْتُ أَخَاهَا مُغْنِيًا بِمَكَانِهَا


[٤٩٩] هذا البيت من كلام لبيد بن ربيعة العامري، وهو من شواهد سيبويه "١/ ١٨٧" ورضي الدين في باب الحال من شرح الكافية، وشرحه البغدادي في الخزانة "١/ ٥٢٤" وابن يعيش في شرح المفصل "ص٢٤١" وابن عقيل "رقم ١٨٠" وشرحه العيني "٣/ ٢١٩ بهامش الخزانة" والبيت في وصف حمار وحش وأتنه، وقال الأعلم: وصف إبلًا أوردها الماء مزدحمة. والعراك الازدحام، والنغص -بفتح النون والغين المعجمة جميعا- مصدر نغص -من باب فرح- تقول "نغص الرجل" إذا لم يتم شربه، والدخال -بكسر الدال المهملة- أن يدخل الرجل بعيره الذي شرب مرة مع الإبل التي لم تشرب من قبل ليشرب معها، وذلك إذا كان البعير كريما. ومحل الاستشهاد من هذا البيت هنا قوله "العراك" فإن هذه الكلمة حال من الضمير المنصوب في قوله "أرسلها" وهي معرفة، والأصل في الحال أن تكون نكرة، ومصدرا، والأصل في الحال أن تكون وصفا، وذلك لأن هذا المصر المعرف في تأويل وصف نكرة، فكأنه قال: فأرسلها معتركة. قال سيبويه "وهذا ما جاء منه في الألف واللام، وذلك قولك: أرسلها العراك، قال لبيد بن ربيعة:
فأرسلها العراك ولم يذدها- البيت
كأنه قال: اعتراكا، وليس كل المصادر في هذا الباب يدخله الألف واللام "ا. هـ، وقال الأعلم "الشاهد فيه نصب العراك وهو مصدر في موضع الحال، والحال لا يكون معرفة وجاز هذا لأنه مصدر، والفعل يعمل في المصدر معرفة ونكرة، فكأنه أظهر فعله ونصبه به ووضع ذلك الفعل موضع الحال فقال: أرسلها تعترك الاعتراك، ولو كان من أسماء الفاعل لم يجز ذلك فيه "يريد لم يجز تعريفه" نحو أرسلها المتركة" ا. هـ.
[٥٠٠] هذان البيتان ينسبان لأبي الأسود الدؤلي، وثانيهما من شواهد سيبويه "٢/ ٢١" ورضي الدين في باب الضمير، وشرحه البغدادي في الخزانة "٢/ ٤٢٦" وابن يعيش في شرح المفصل "ص٤٢٧" والأشموني "رقم ٥١" وكان لأبي الأسود مولى يحمل تجارته إلى الأهواز، وكان هذا المولى إذا مضى بالتجارة تناول شيئا من الشراب فاضطرب أمره وفسد

<<  <  ج: ص:  >  >>