للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٠- مسألة [القول في تقديم التمييز إذا كان العامل فعلا متصرفا] ١

اختلف الكوفيون في جواز تقديم التمييز إذا كان العامل فيه فعلا متصفا نحو "تصبب زيد عرقا، وتفقأ الكبش شحما": فذهب بضعهم إلى جوازه ووافقهم على ذلك أبو عثمان المازني وأبو العباس المبرد من البصريين. وذهب أكثر البصريين إلى أنه لا يجوز.

أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على جواز التقديم النقلُ والقياسُ. أما النقل فقد جاء ذلك في كلامهم، قال الشاعر:

[٥٠٢]

أَتَهْجُرُ سَلْمَى بِالْفِرَاقِ حَبِيبَهَا ... وَمَا كَانَ نَفْسًا بِالْفِرَاقِ تَطِيبُ؟!


[٥٠٢] قد اختلف الرواة في نسبة هذا البيت؛ فنسبه قوم إلى المخبل السعدي واسمه ربيع بن ربيعة بن مالك، ونسبه آخرون إلى أعشى همدان، واسمه عبد الرحمن بن عبد الله "انظر الصبح المنير ص٣١٢ فينا" ونسبه ابن سيده لقيس بن معاذ المعروف بمجنون ليلى. والبيت من شواهد الأشموني "رقم ٥١٤" وابن عقيل "رقم ١٩٤" وابن الناظم في باب التمييز من شرح الألفية، وشرحه العيني "٣/ ٢٣٥ بهامش الخزانة" وابن جني في الخصائص "٢/ ٣٨٤" ومحل الأستشهاد من هذا البيت بقوله "وما كان نفسا بالفراق تطيب" فإن اسم كان ضمير شأن محذوف وخبرها جملة تطيب، ونفسا: تمييز نسبة، والعامل فيه هو قوله تطيب، وقد تقدم التمييز على عامله، وهذا غير جائز في سعة الكلام عند البصريين، وقد أجازه الكوفيون واستدلوا بهذا البيت ونحوه مما سنرويه لك بعد على أنه جائز لأنه وارد في كلام العرب المحتج بكلامهم. قال ابن جني في الخصائص "ومما يقبح تقديمه الاسم المميز، وإن كان ناصبه فعلا متصرفا، فلا نجيز شحما تفقأت، ولا عرقا تصببت، فأما ما أنشده أبو عثمان وتلاه فيه أبو العباس من قول المخبل:
أتهجر ليلى للفراق حبيبها ... البيت

<<  <  ج: ص:  >  >>