[٤٤] هذا البيت من شواهد سيبويه أيضًا "١/ ٣٩" ولم يزد في نسبته عما نقله المؤلف، وتغنى به: مضارع "غني بالمكان يغنى على مثال رضي يرضى" أي أقام، وتصبي الحليم: تورثه الصبوة، وهي الميل إلى شهوات الصبا وملذاته والاستشهاد به في قوله "أرى تغنى به سيفانة" فإن هذه العبارة من باب التنازع لتقدم عاملين -وهما قوله أرى وقوله تغنى به- وتأخر عنهما معمول واحد -وهو قوله سيفانة- وأول العاملين يطلب هذا المعمول مفعولا، وثانيهما يطلبه فاعلا، وقد أعمل الشاعر العامل الثاني في هذا المعمول؛ بدليل مجيئه مرفوعا، ونظير هذه الشواهد في إعمال العامل الثاني قول الشاعر: إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب ... جهارًا فكن في الغيب أحفظ للود وقول الآخر: هوينني وهويت الغانيات إلى ... أن شبت فانصرفت عنهن آمالي قول الآخر: جفوني ولم أجف الأخلاء؛ إنني ... لغير جميل من خليلي مهمل ثم نقول: قد تبين لك أن كلام العرب قد جاء بإعمال أول العاملين في لفظ المعمول المتأخر عنهما، وبإعمال العامل الثاني في لفظه أيضًا، ومن إعمال العامل الأول الشواهد التي استدل بها الكوفيون، ومن إعمال الثاني الشواهد التي استدل بها البصريون؛ فليس لواحد من الفريقين أن يدعي أن الاستعمال العربي يؤيده وحده؛ لأن الاستعمال العربي يؤيد كل واحد منهما، وكل ما هناك أنه يبقى سؤال، وهو هل العامل الأول أولى بالعمل =