أهكذا يا طيب تفعلونه ... أعللا ونحن منهلونه فصار التقدير: العاطفونه، ثم إنه شبه هاء الوقف بهاء التأنيث، فلما احتاج لإقامة الوزن إلى حركة الهاء قلبها تاء، كما تقول: هذا طلحة، فإذا وصلت صارت الهاء تاء فقلت: هذا طلحتنا، فعلى هذا قال: العاطفونه، وفتحت التاء كما فتحت في آخر ربت وثمت وذيت وكيت" ا. هـ. وقال ابن بري في بيت أبي وجزة:"هذه الهاء هي هاء السكت اضطر إلى تحركها، قال: ومثله: هم القائلون الخير والأمرونه ... إذا ما خشوا من محدث الأمر معظمًا" ا. هـ ونريد أن نبين لك أن هذه الهاء في قول أبي وجزة "العاطفونه" وفي تمثيل ابن سيده بقوله "هؤلاء مسلمونه" و "ضاربونه" ليست هاء ضمير الغائب على ما قد يتسرب إلى ذهنك، وذلك أن هذه الهاءات لو كانت ضمائر لكان الاسم مضافًا إليها، فكان يجب أن تحذف النون التي تلي علامة الإعراب وهي الواو في كل هذه الأمثلة، لما تعرف من أنه يحذف للإضافة تنوين الاسم المفرد ونون المثنى وجمع المذكر السالم، فتنبه لهذا، على أن من هذه الأمثلة ما لا يتعدى بنفسه مثل "الآمرونه" في البيت الذي أنشده ابن بري، وإنما يتعدى بالباء إلى المأمور به، فتقول: أمرته بكذا، ولا تقول: أمرته كذا، إلا على التوسع كما جاء في قول الشاعر: أمرتك الخير، فافعل ما أمرت به ... فقد تركتك ذا مال وذا نشب [٦٢] هذا البيت من قصيدة لأبي زبيد الطائي، كما قال المؤلف، وهو من شواهد مغني اللبيب "رقم ٤١٦" وشواهد الأشموني "رقم ٢٢٩" والاستشهاد بهذا البيت في قوله "ولات أوان" وفي هذه التاء رأيان للنحاة؛ أحدهما: أنها مزيدة على لا النافية، وأنها نظير التاء في ربت وثمت، وقد مضى بيان ذلك، والرأي الثاني: أن هذه التاء مزيدة في أول كلمة "أوان" كما زيدت في أول الآن فقيل: تالآن، وقيل: تلان، على ما رواه أبو زيد، وقد ذكرنا ذلك في شرح الشاهد السابق "رقم ٦١" وهذا هو الوجه الذي روى المؤلف البيت في هذا الموضع لتقريره. ثم إن في جر "أوان" أربعة آراء للعلماء، الأول: أن "لات" في هذا ونحوه عاملة الجر، وكلمة "أوان" مجرورة بالكسرة الظاهرة، وتنوينها تنوين التمكين الذي يلحق الأسماء المعربة، وهذا رأي الفراء، ولا يجري إلا على أن التاء متصلة بلا، والرأي الثاني: أن =