للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} ١ وإن سميته إسحاق اسم النبي -عليه السلام- تصرفه؛ لأنه قد غير عن جهته، فوقع في كلام العرب غير معروف المذهب، وكذلك يعقوب الذي لم يغير، وإنما هو اسم طائر معروف، قال الشاعر:

عَالٍ يُقَصّرُ دونَهُ اليعقوبُ٢

فإذا سمينا بهذا صرفناه، وإن سميناه يعقوب اسم النبي -عليه السلام- لم تصرفه؛ لأنه قد غير عن جهته فوقع غير معروف المذهب، وإنما جاء في القرآن في مواضع من صرف عاد وثمود وسبأ، فالقول فيها أنها أسماء عربية وأن القوم عرب في أنفسهم، فقولُه عز وجل: {وَعَادًا وَثَمُودَا وَأَصْحَابَ الرَّس} ٣، وإنما هم آباء القبائل، كقولك: جاءتني تميم وعامر, إنما هو قبيلة تميم وقبيلة عامر، فحذف قبيلة كقولك: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} ٤ فأما عاد، فمنصرف اسم رجل على كل حال، لأن كل عجمي لا علامة للتأنيث فيه على ثلاثة أحرف فهو مصروف، وأما ثمودُ فهو فعول من الثَّمَدِ, وهو الماء القليل فمن صرفه جعله أبًا للحي والحي نفسه، وأما سبأ فهو جد بني


١ الحج: ٣١ وتكملة الآية: {فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} .
٢ عجز بيت وصدره: ضحيان شاهقة يرف بشامه، ويروى الشطر الثاني:
نديان يقصر دونه اليعقوب.
والضحيان: البارز للشمس، وكان القياس في ضحيان ضحوان؛ لأنه من الضحوة، إلا أنه استخف بالياء, أي: إن الياء أخف من الواو.
وشاهقة: بقعة عالية. والبشام: نبت طيب الرائحة والطعم، يرف ويهتز خضرة وتلألؤا ونديان أصابه الندى.
واليعقوب: الظاهر فيه أنه ذكر العقاب، ومن فسره بذكر الحجل فقد أخطأ؛ لأن الحجل لا يعرف لها مثل هذا العلو في الطيران.
وانظر: الحيوان للجاحظ ٥/ ١٤٥, واللسان ٢٠/ ١٨٦ و٢/ ١١٣, والصحاح ١٠/ ١٨٦.
٣ الفرقان: ٣٨.
٤ يوسف: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>