الغين المعجمة, وهو سيد جليل أسلم قديما, قيل: إنه كان رابع من أسلم, وقيل: إنه كان خامسهم, وحكي أن له عبادة ونسكا قبل الإسلام, وبعد إسلامه بمكة رجع إلى بلاد قومه, فأقام بها حتى مضت بدر وأحد والخندق,
وأسلم على يديه أكثر غفار؛ لذا كانت تلك القبيلة جديرة بأن يغفر الله لها شأنها شأن أسلم التي سلمها الله تعالى. ثم قدم أبو ذر المدينة فصحب النبي صلى الله عليه وسلم حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى, ومناقبه جمة وزهده مشهور وتواضعه وزهده مشابهان في الحديث بتواضع عيسى عليه السلام وزهده، وكان من مذهبه أنه يحرم على الإنسان ادخار ما زاد على حاجته من المال, وإنه لا حق لأحد فيما فضل عليه بل واجبه أن يعود به على من عدمه روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائتا حديث وواحد وثمانون حديثا اتفق الشيخان منها على اثني عشر, وانفرد البخاري بحديثين ومسلم بسبعة عشر١.
وقد خرج الى الربذة, وهي بليدة قريبة من المدينة، وقيل: إنه أخرج إليها ومات بها سنة اثنتين وثلاثين وكان وحده أمة في حياته وفي مماته ويكون كذلك في مبعثه فرضي الله عنه وأرضاه.
ولم يبق شك عند عاقل في اختلاق هذا الزعم الباطل الذي يفيد أن عمر حبس هؤلاء, وهم بلا ريب من أجلاء الصحابة, وهو رضي الله عنه أجل من أن يهينهم بالحبس في دعوى لا أصل لها, وهي الإكثار من الرواية, وقد رأينا أنه لم يزد عن عمر من هؤلاء إلا ابن مسعود.