للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيشك في حفظ زيد بن ثابت؟ أعلم هذه الأمة بالفرائض, أم يشك في حفظ عائشة؟ وهي من هي في قوة الذكاء والفطنة والفهم.

ويستطيع الباحث أن يقرر في اطمئنان؛ أن الصحابة رضوان الله عليهم حفظوا أكثر ما رووا في صدورهم, وسلجه الكثير منهم في السطور، وكان منهم من يستعين بالكتابة في الحفظ والتثبت، فإذا استيقن مما كتبه محاه.

وشاعت مذاكرة الحديث فيما بينهم، فهل يصح أن يسوغ لباحث أن يشكك في المروي عنهم، وأن يرخي العنان لشطط فيدعي أنه وجد "أنه لا يكاد يوجد في كتب الحديث كلها مما سموه صحيحا، وأما جعلوه حسنا -حديث- قد جاء على حقيقة لفظه ومحكم تركيبه, كما نطق الرسول به، ووجدت أن الصحيح منه على اصطلاحهم إن هو إلا معان مما فهمه بعض الرواة، وقد يوجد بعض ألفاظ مفردة بقيت على حقيقتها في بعض الأحاديث القصيرة وذلك في الفلتة والندرة"١.

هكذا أطلق وعمم, وليته عرف أنه حتى مع التسليم لمدعاة الباطل، لا ضرر ولا ضرار، فالراوون هم المعايشون للوحي، وتنزلاته، والمخالطون لصاحب الشرع صلى الله علي وسلم المحصون لأقواله وأفعاله وأوصافه وإرشاداته وحركاته وسكناته، وهم عرب خلص يدركون مرامي الكلام, ويعرفون مواقع الألفاظ ودلالاتها، إلا أنه لم يفطن إلى ذلك كله، وإنما


١ الضوء على السنة المحمدية ص٧-٨.

<<  <   >  >>