للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما ما يحكى عن بعض المتقدمين من قولهم، كنا لا نعد صاحب حديث من لم يكتب عشرين ألف حديث في الإملاء فذلك حسب أزمنتهم١.

ونحن نرى أن سعة أفق المحدث وكثرة حفظه قضية نسبية تختلف باختلاف الزمان والاستعداد، فبينما حدها الأقدمون بما ذكر نستطيع نحن الآن أن نحد المحدث أو أن نسمه ونصفه بأنه المشتغل بصنعة الحديث الخبير بها, وعليه يكون المقصود بهذا التركيب الإضافي "مناهج المحدثين" طرق البحث عندهم, وكيفية تحصيلهم للحديث, وسبل جمعهم له ووسائل فهمهم وهضمهم لمسائله، فأفق الدراسة إذن واسعة أمام المتكلم في هذه المادة.

إن كل محاولة بذلت في جمع الحديث أو من أجله تصلح لتكون محور الدراسة في منهاج المحدثين، وإذا كانوا قد اصطلحوا على تقسيم علم الحديث إلى قسمين: "رواية" ويعنون به العلم المشتمل على نقل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو وصف خِلْقي أو خُلقي أو تقرير، و"دراية" يعنون به العلم المشتمل على قوانين وقواعد يعرف بها حال السند والمتن من صحة وحسن وضعف وعلوٍّ ونزول ورفع ووقف وقطع وكيفية التحمل والأداء ومعرفة صفة الرواية وحال الرواة، وغير ذلك؛ وإذاكانوا قد اصطلحوا على ذلك, فكل ما صنف في العلمين: الرواية والدراية من صميم تخصص الباحث في مناهج المحدثين، فأي أفق تلك التي سينساح


١ قواعد التحديث ص٧٦-٧٧ وانظر علوم الحديث للدكتور صبحي الصالح ص٧٥.

<<  <   >  >>