للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن جماعة ممن تطلق عليهم الصحبة ارتدوا عن الإسلام, والردة أكبر المعاصي, ومن جازت عليهم الردة جازت عليه سائر الكبائر, وإنما ذكرت هذا؛ لأن بعض المتعصبين على أهل الحديث زعموا أنهم يقولون بعصمة الصحابة كلهم, ويعدون كبائرهم صغائر", هذا إشارة إلى ما قاله شيخه السيد علي بن محمد بن أبي القاسم, فإنه قال في رسالته التي رد عليها المصنف بالعواصم ما لفظه:

إن المحدثين يذهبون إلى أن الصحابة لا تجوز عليهم الكبائر, وأنهم إذا فعلوا المعصية الكبيرة عدوها صغيرة.

وقد أطال المصنف في الرد على ما قاله في الجزء الأول من العواصم: وليس كذلك, ولكن القوم لا يولعون بالسب لأحد من الصحابة, وإن صح فسقه ولا يلهجون بذكر ذلك تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وامتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا" , ثم قال: وهم -أي أئمة الحديث- يعرفون فسق الفاسق, وجرحه, والنهي عن قبوله, وهم يسوون في ذلك أي في الجرح بين المنحرفين عن علي عليه السلام وعن عمر وعن أبي بكر رضي الله عنهم, فليس لهم عصبية تحملهم على خلاف هذا, فإنهم كما يقدحون بالغلو في الرفض يقدحون بالنصب؛ والرفض: محبة عليّ وتقديمه على الصحابة وسب الشيخين, والنصب: بغض عليّ عليه السلام وتقديم غيره عليه، فالمنحرف عن علي عليه السلام هو الناصبي, والمنحرف عن الشيخين هو الغالي في الرفض, وقد سووا في الجرح بكل واحدة من الصفتين"١.


١ انظر توضيح الأفكار ج٢ ص٤٣٥-٤٤٤، وانظر ما ذكره ابن الوزير في "الروض الباسم" ص١١٧-١٢١.

<<  <   >  >>