للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"ما منا من أحد أدرك الدنيا إلا مالت به, ومال بها غير عبد الله بن عمر".

وقد ورث عن أبيه الجرأة في الحق والشدة فيه وكانت له مواقف عديدة لازم فيها الحق، وجهر به, ولم تأخذه فيه لومة لائم مما جعل أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول فيه مقارنا بينه وبين أبيه: "كان عمر في زمان له فيه نظراء وكان ابن عمر في زمان ليس فيه نظير".

وكان مثالا في الورع والتقوى وكثرة العبادة, يقوم أكثر الليل بعد أن سمع هذا الحض والتشجيع: "نعم العبد عبد الله بن عمر لو كان يقوم من الليل"، وكان شديد الخشوع ظاهر الخضوع تغلبه الدموع عند سماع القرآن, فكلما سمع قوله {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} ١ غلبه البكاء.

ولا عجب فهو ابن عمر, وكان رضي الله عنه لا يصوم في السفر ولا يكاد يفطر في الحضر، وإذا وضع الطعام أمامه لا تمد يده إلا إذا حضر معه على خوانه يتيم.

وكان يحرص على اقتفاء النهج القويم للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم, فيتحرى مبرك ناقته ليبرك ناقته فيه. وأخبار ذكائه مشهورة مستفيضة وأدبه جم مشهود له به, والسؤال عن الشجرة التي لا يسقط ورقها, وأنها مثل المؤمن, ومعرفته بالإجابة, وعدم ذكره لها خير دليل على ذلك.


١ سورة الحديد: ١٦.

<<  <   >  >>