للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنس بن مالك مات بالبصرة سنة ثلاث وتسعين، وقيل: اثنتين، وقيل: إحدى، وقيل: تسعين، وهو آخر من مات بها.

قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا مات بعده ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا الطفيل. قال العراقي: بل مات بعده محمود بن الربيع بلا خلاف في سنة تسع وتسعين, وقد رآه وحدث عنه كما في صحيح البخاري، وكذا تأخر بعده عبد الله بن بسر المازني في قول من قال: وفاته سنة ست وتسعين"١.

هكذا يمتد وجود الصحابة إلى أول القرن الثاني, وربما شاركهم التابعون بعض حياته صلى الله عليه وسلم، فلا سبيل إلى تمايز بين الصحابة والتابعين من حيث الزمن، وإن كان التمايز محققا من حيث تحديد المراد بالصحابي والتابعي, ويبقى اعتبار الكثرة لمن اعتبر.

فإذا كان النبي قد انتقل إلى الرفيق الأعلى ومن رآه صلى الله عليه وسلم يزيد على مائة ألف وأربعة عشر ألفا كما قال أبو زرعة، فإننا باعتبار الكثرة, ومراعاة الأغلبية نستطيع أن نطلق على فترة الخلافة الراشدة "زمن الصحابة", وننسب إليهم التحكم في أكثر الأحاديث, والإمساك بأَزِمّة الأمور, لكن بعد أن يرى كل واحد من الصحابة آخرين عديدين, فنفس المنطق يحتم علينا أن نسمي الزمن "زمن التابعين" وأن نضيف الأحدث إليهم, وإذا كنا قد عرفنا أن الصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به، ومات على إسلامه، فمن هو التابعي؟


١ تدريب الراوي ج٢، ص٢٢٨-٢٣٠.

<<  <   >  >>