تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ} فإنما حكم علي رضي الله عنه أبا موسى وعمرًا رضي الله عنهما؛ ليكون كل واحد منهما مدليا بحجة من قدمه, وليكونا متخاصمين عن الطائفتين, ثم حاكمين لمن أوجب القرآن الحكم له.
وإذ من المحال الممتنع الذي لا يمكن أن يفهم لغط العسكرين, أو أن يتكلم جميع أهل العسكر بحجتهم, فصح يقينا لا محيد عنه صواب علي في تحكيم الحكمين والرجوع إلى ما أوجبه القرآن, وهذا الذي لا يجوز غيره, ولكن أسلاف الخوارج كانوا أعرابا قرءوا القرآن قبل أن يتفقهوا في السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن فيهم أحد من الفقهاء لا من أصحاب ابن مسعود ولا أصحاب عمرو ولا أصحاب علي ولا أصحاب عائشة ولا أصحاب أبي موسى ولا أصحاب معاذ بن جبل، ولا أصحاب أبي الدرداء ولا أصحاب سليمان ولا أصحاب زيد وابن عباس وابن عمر، ولهذا تجدهم يكفر بعضهم بعضا عند أقل نازلة تنزل بهم من دقائق الفتيا وصغارها, فظهر ضعف القوم قوة جهلهم"١. ا. هـ.
وبناء على مذهبهم الفاسد استباحوا دماء المسلمين، وقاتلوا جماهيرهم، وكان المسلم الذي لا يوافقهم, ولا يتبرأ ممن يتبرءون منه حلال الدم عندهم، رأو نصراينا فقالوا: إن لك عندنا ذمة، وأمنوه، ثم قتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت, بقروا بطن جاريته وهي حامل، فما قال لهم علي رضي الله عنه: ادفعوا إلينا قتلته، فقالوا: كلنا قتله فقاتلهم علي حتى كاد يبيدهم.