وازدهارها وأن يعاصر ثورات العلويين ومحاولات كتبها وإخمادها, ولقد عرف عن الإمام عزوفه عن الفتن وإعراضه عن أهلها, فقد كان يؤثر الصمت ويلزم بيته عند اشتداد الأمر, ومع ذلك ناله عسف السلطان وظلم الحكم واضطهاده والإمارة.
فقد سجن وجلد وضرب ضربا مبرحا واختلف الروايات في سبب ذلك فقيل: إنه طلب للقضاء فأبى فاعتبر المنصور ذلك نوعا من التمرد عليه فأوعز بضربه وقيل: إنه شارك ولو بالتحريض في ثورة محمد بن عبد الله بن الحسن الشهير بالنفس الزكية, وقيل: إنه حدث بحديث "ليس على مستكره طلاق" ففهم منه التحريض على التحليل من بيعة المنصور لكون الناس أكرهوا عليها.
وأيًّا ما كان الأمر فقد امتحن الإمام فصبر صبر المؤمنين الموقنين, ولم تطل فترة محنته, وإنما عاد سريعا إلى تبوء مكانته في نفوس العباسيين, فكان أثيرا عندهم محببا لديهم ذا حظوة ومنزلة.
وبعد حياة مباركة طيبة فياضة بالخير والبركة قضى الإمام نحبه, ولقي ربه في الحادي عشر أو الرابع عشر من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة, فرضي الله عن الإمام مالك وأرضاه وطيب ثراه وجعل الجنة مثواه.
وقد تركنا الإطالة في ترجمته للذين ترجموا له ولآثاره وتراثه منهم: