للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبذلك كله استحق هذا الثناء العاطر، قال ابن المديني: له نحو ألفي حديث.

وقال الثوري: شعبة أمير المؤمنين في الحديث. وقال الشافعي: لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق. وقال أبو بكر البكراوي: ما رأيت أحدا أعبد لله من شعبة, لقد عَبَدَ اللهَ حتى جف جلده على عظمه واسود. وقال أبو داود الطيالسي: قلت ليحيى بن سعيد: رأيتَ أحدًا أحسن حديثا من شعبة؟ قال: لا. قلت: كم صحبته؟ قال: عشرين سنة. وقال أحمد بن حنبل: كان شعبة أمةً وحده في هذا الشأن. يعني في الرجال وبصره بالحديث.

وقال الإمام أحمد: شعبة أثبت في الحكم من الأعمش, وأحسن حديثا من الثوري, لم يكن في زمن شعبة مثله. وقال ابن منجويه: كان من سادات أهل زمانه حفظا وإتقانا وورعا وفضلا, وهو أول من فتش بالعراق عن أمر المحدثين وجانب الضعفاء والمتروكين, وصار علما يقتدى به وتبعه عليه بعده أهل العراق.

نعم كان شعبة جبل الحفظ, وسياج الرواية, وصونا للحديث, وسورًا صعب على أعداء السنة أن يتسوروه, وكان جديرا بتضرع وكيع بن الجراح إلى الله أن يرفع له في الجنة درجات بذبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي سنة ستين ومائة١ لقي شعبة ربه راضيا مرضيا بعد سبع وسبعين سنة قضاها في خدمة الحديث, مما أورثه ذكرا خالدا, فرضي الله عن شعبة٢.


١ انظر ترجمته في التاريخ الصغير ق٢، ص١٣٥.
٢ تاريخ بغداد ج٣ ص٢٥٥-٢٦٦.
وتذكرة الحفاظ ج١ ص١٩٣-١٩٧.
وطبقات الحفاظ ص٨٣-٨٤.

<<  <   >  >>