للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ويحرم) القصاص (في طرف حتى يبرأ)؛ كما لا تطلب له دية حتى يبرأ

على الأصح؛ لما روى جابر: " أن رجلا جرح رجلا وأراد أن يستقيد. فنهى

النبي أن يقاد من الجارجح حتى يبرأ المجروح " (١) . رواه الدارقطني.

(فإن اقتص قبل) أي: قبل برء جرحه: (فسرايتهما) أي: سراية جرح

الجاني وجرج المقتص منه (بعد) أي: بعد اقتصاصه قبل البرء (هدر)؛ لما

روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: " أن رجلا طعن بقرن في ركبته. فجاء

إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أقدني. فقالى: حتى تبرأ. ثم جاء إليه، فقال: أقدنى

فأقاده، ثم جاء إليه، فقال: يا رسول الله! عرجت. فقال: قد نهيتك

فعصيتني، فأبعدك الله وبطل عرجك. ثم نهى رسول الله أن يقتص من جرح

حتى يبرأ صاحبه " (٢) . رواه أحمد والدارقطني.

فعلى هذا: إن اقتص قبل البرء بطل حقه من سراية الجناية؛ لأنه باقتصاصه

قبل الاندمال رضي بترك ما يزيد عليه بالسراية. فبطل حقه منه؛ كما لو رضي

بترك القصاص. وأيهما سرت جراحته بعد ذلك فهدر.

أما الجانى؛ فلأنه سراية القصاص فلا يضمن بذلك.

وأما المجني عليه؛ فلأنه رضي بتركه. والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) أخرجه الدارقطني في " سننه " (٢٥) ٣: ٨٨ كتاب الحدود.
(٢) أخرجه الدارقطني في " سننه " (٢٤) الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>