للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المستثنى منه؟ فتأمله فهو في غاية الإشكال وهو أصل في اشتراط المشيئة عند النطق بالأفعال.

والجواب أنا نقول: هذا أستثناء من الأحوال والمستثنى حالة من الأحوال وهي محذوفة قبل " أن " الناصبة، وعامله فيها - أعني الحال - عامله في " أن " الناصبة، وتقديره: (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا) في حالة من الأحوال إلا معلقًا بـ (إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) [الكهف: ٢٣] ثم حذفت معلقًا، والباء من " أن " فيكون النهي المتقدم مع " إلا " المتأخرة قد حصرت القول في هذه الحال دون سائر الأحوال فتختص هذه الحالة بالإباحة وغيرها بالتحريم، وترك المحرم واجب وليس شيء هناك يُترك به الحرام إلا هذه فتكون واجبة. فهذا مدرك الوجوب، وأما مدرك التعليق فهو كقولنا معلقًا فإنه يدل على أنه تعلق في تلك الحالة كما إذا قال: لا تخرج إلا ضاحكًا فإنه يفيد الأمر بالضحك للخروج، وانتظم معلقًا مع " أن " بالباء المحذوفه واتجه الأمر بالتعليق على المشيئة من هذه الصيغة عند الوعد بالأفعال. انتهى.

وأما العهد فهو غير الوعد ويكون بمعنى اليمين والأمان والذمة والحفظ والرعاية والوصية وغير ذلك.

وفي سيد الاستغفار: " وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت " (١) .

قال ابن الجوزي: قال المفسرون: العهد الذي يجب الوفاء به الذي يحسن فعله، والوعد من العهد، وقال في: (وأوفوا بالعهد) [الإسراء: ٣٤]: عام فيما بينه وبين ربه وبين الناس. ثم قال: قال الزجاج: كل ما أمر الله سبحانه وتعالى به ونهى عنه فهو من العهد. نقله عنه في " الفروع ". والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٥٩٤٧) ٥: ٢٣٢٣ كتاب الدعوات، باب أفضل الاستغفار.

<<  <  ج: ص:  >  >>