للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا فقدها القلب كان ألمه أعظم من ألم العين إذا فقدت نورها، والأذن إذا فقدت سمعها، والأنف إذا فقد شمّه، واللّسان إذا فقد نطقه، بل فساد القلب إذا خلا من محبّة فاطره وبارئه وإلهه الحقّ أعظم من فساد البدن إذا خلا من الرّوح، وهذا الأمر لا يصدّق به إلّا من فيه حياة" (١).

وقال أيضًا: "المحبّ الصّادق لا بدّ أن يقارنه أحيانًا فرح بمحبوبه، ويشتدّ فرحه به، ويرى مواقع لطفه به، وبرّه به، وإحسانه إليه، وحسن دفاعه عنه، والتّلطّف في إيصاله المنافع والمسارّ والمبارّ إليه بكلّ طريق، ودفع المضارّ والمكاره عنه بكلّ طريق" (٢).

وقال ابن قدامة رحمه الله: "علامة المحبّة كمال الأنس بمناجاة المحبوب، وكمال التّنعّم بالخلوة، وكمال الاستيحاش من كلّ ما ينقض عليه الخلوة، ومتى غلب الحبّ والأنس صارت الخلوة والمناجاة قرّة عين تدفع جميع الهموم، بل يستغرق الحبّ والأنس قلبه" (٣).

وقال ابن القيم رحمه الله: "فإن المحب الصادق أحب شيء إليه الخبر عن محبوبه وذكره، كما قال عثمان بن عفان -رضي الله عنه-: (لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله) (٤)، وقال بعض العارفين: كيف يشبعون من كلام محبوبهم وهو غاية مطلوبهم؟! " (٥).


(١) الجواب الكافي (١/ ٥٤٥ - ٥٤٦).
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٣٣٩ - ٣٤٠).
(٣) مختصر منهاج القاصدين (٣٥١) ـ.
(٤) ينظر: حلية الأولياء (٧/ ٢٧٢، ٣٠٠).
(٥) مدارج السالكين (٣/ ٢٩١).

<<  <   >  >>