للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" وقد حكي عن عائشة وبه قال الأوزاعي إن الغيبة تفطر الصائم وتوجب عليه قضاء ذلك اليوم، وافرط بن حزم فقال يبطله كل معصية من متعمد لها ذاكر لصومه سواء كانت فعلاً أو قولاً لعموم قوله فلا يرفث ولا يجهل، ولقوله في الحديث الآتي بعد أبواب: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، والجمهور وإن حملوا النهي على التحريم إلا أنهم خصوا الفطر بالأكل والشرب والجماع" (١).

[المسألة الثانية: الحذر من الغيبة، والبعد عن مجالسها.]

الغيبة هي كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم ذكرك أخاك بما يكره في حال غيبته، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ»، قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ» (٢).

وبوب الدرامي على الحديث الآتي "باب الصَّائِمِ يَغْتَابُ فَيَخْرِقُ صَوْمَهُ"، ثم أورد الحديث قال صلى الله عليه وسلم: "وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا" (٣)، وفسر الخرق بالغيبة (٤).

قال في جامع العلوم والحكم: "وقوله: "مَا لَمْ يَخْرِقْهَا" يعني: بالكلام السيئ ونحوه، ولهذا في حديث أبي هريرة المخرج في " الصحيحين " عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث، ولا يفسق، ولا يجهل، فإن امرؤ سابه فليقل: إني امرؤ صائم».


(١) فتح الباري لابن حجر (٤/ ١٠٤).
(٢) أخرجه مسلم (٤/ ٢٠٠١) ح (٢٥٨٩).
(٣) أخرجه أحمد بلفظ أوسع من هذا (٣/ ٢٢٠) ح (١٦٩٠)، وأخرجه بهذا اللفظ المختصر الدارمي (١/ ٥٦٢) ح (١٧٥٥ (، والنسائي (٤/ ١٦٧) ح (٢٢٣٣)، وحسن إسناده المنذري في الترغيب والترهيب (٢/ ٩٤) ح (١٦٤٣)، وحسن إسناده كذلك محقق المسند ح (١٦٩٠).
(٤) مسند الدارمي (١/ ٥٦٢).

<<  <   >  >>