للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض السلف: الغيبة تخرق الصيام، والاستغفار يرقعه، فمن استطاع منكم أن لا يأتي بصوم مخرق فليفعل.

وقال ابن المنكدر: الصائم إذا اغتاب خرق، وإذا استغفر رقع.

وخرج الطبراني بإسناد فيه نظر عن أبي هريرة مرفوعاً: «الصيام جنة ما لم يخرقها، قيل: بم يخرقه؟ قال: بكذب أو غيبة» (١).

فالجنة: هي ما يستجن به العبد، كالمجن الذي يقيه عند القتال من الضرب، فكذلك الصيام يقي صاحبه من المعاصي في الدنيا، كما قال عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة: ١٨٣، فإذا كان له جنة من المعاصي، كان له في الآخرة جنة من النار، وإن لم يكن له جنة في الدنيا من المعاصي، لم يكن له جنة في الآخرة من النار" (٢).

ومن شدة خطر الغيبة أن الله حذر منها في كتابه وشبهها بصورة تنفر منها النفوس، فقال تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} الحجرات: ١٢

وحسبك دلالة على خطر الغيبة ما ورد من الأحاديث الآتية:

وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا، -قَالَ غَيْرُ مُسَدَّدٍ: تَعْنِي قَصِيرَةً-، فَقَالَ: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ» الحديث (٣).


(١) الحديث ضعيف جداً. ينظر: ضعيف الترغيب والترهيب (١/ ٣٣٠) ح (٦٥٨).
(٢) جامع العلوم والحكم (٢/ ١٣٨ - ١٣٩).
(٣) أخرجه أبو داود واللفظ له (٤/ ٢٦٩) ح (٤٨٧٥)، والترمذي (٤/ ٦٦٠) ح (٢٥٠٢) ح (٢٥٠٣) وقال: "حسن صحيح"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٣/ ٧٧) ح (٢٨٣٤)، وصحح إسناده شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لسنن أبي داود (٧/ ٢٣٧) ح (٤٨٧٥).

<<  <   >  >>