للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - صلى الله عليه وسلم، فإنه كان لا ينتقم لنفسه، ولكن إذا انتهكت حرمات الله لم يقم لغضبه شيء ولم يضرب بيده خادما ولا امرأة إلا أن يجاهد في سبيل الله. «وخدمه أنس عشر سنين، فما قال له: " أف " قط، ولا قال له لشيء فعله: " لم فعلت كذا "، ولا لشيء لم يفعله: " ألا فعلت كذا» (١).

٤ - وقال ابن رجب: "وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا غضبت فاسكت» يدل على أن الغضبان مكلف في حال غضبه بالسكوت، فيكون حينئذ مؤاخذا بالكلام، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر من غضب أن يتلافى غضبه بما يسكنه من أقوال وأفعال، وهذا هو عين التكليف له بقطع الغضب، فكيف يقال: إنه غير مكلف في حال غضبه بما يصدر منه. وقال عطاء بن أبي رباح: ما أبكى العلماء بكاء آخر العمر من غضبة يغضبها أحدهم فتهدم عمر خمسين سنة، أو ستين سنة، أو سبعين سنة، ورب غضبة قد أقحمت صاحبها مقحما ما استقاله. خرجه ابن أبي الدنيا" (٢).

٥ - وفي جامع العلوم والحكم: "قال جعفر بن محمد: الغضب مفتاح كل شر. وقيل لابن المبارك: اجمع لنا حسن الخلق في كلمة، قال: ترك الغضب. وكذا فسر الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه حسن الخلق بترك الغضب" (٣).

٦ - قال ابن حجر: "لو رأى الغضبان نفسه في حال غضبه لكف غضبه حياء من قبح صورته واستحالة خلقته هذا كله في الظاهر وأما الباطن فقبحه أشد من الظاهر لأنه يولد الحقد في القلب والحسد وإضمار السوء على اختلاف أنواعه بل


(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٣٦٩ - ٣٧٠).
(٢) جامع العلوم والحكم (١/ ٣٧٤).
(٣) جامع العلوم والحكم (١/ ٣٦٣).

<<  <   >  >>