ليبيا التي تدعم حكومتها جميع السلع الغذائية تقريبا، أدى دعم الأغذية إلى ارتفاع نسبة البدانة نظرا لارتفاع نسبة الوحدات الحرارية "الكالوري" والدهون في غذاء السكان، مما أدى بدوره إلى انتشار الأمراض المزمنة وهي الأمراض التي تشتهر بها المجتمعات الموسِرة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية وضغط الدم والسكر، وما إليها. وتشير بعض الدراسات أن سياسة الدعم في دول الخليج العربي، والتي تركز على دعم الأغذية ذات الكالوري العالية، مثل الأرز والسكر والدهون واللحوم، قد ساهم في حدوث هذه الأمراض المزمنة.
ومن الأمثلة الأخرى دعم الأغذية المستوردة التي يستهلكها الأطفال الرضع "ألبان الأطفال" في جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية "سابقا" مما أسفر عن تشجيع التغذية المعتمدة على تلك الألبان، بما ترتب على ذلك من نتائج مثل انتشار أمراض الإسهال وغيرها من أمراض الأطفال، وزيادة انتشار سوء التغذية البروتينية.
٩- الفجوة الغذائية:
الفجوة الغذائية هي الفرق بين حجم الطلب على الأغذية وإمدادات الأغذية المتاحة من المصادر المحلية. وقد بلغت الفجوة الغذائية في الدول العربية أبعادا خطيرة لا سيما خلال العقدين الماضيين. وجمع الدول العربية "باستثناء السودان" تعاني من موازين تجارية سلبية كما هو مبين في الجدول١. كذلك يوضح الجدول أنه اعتبارا من ١٩٧٦ وحتى ١٩٨٨، بدأت موازين تجارة المحاصيل الزراعية تصبح سلبية في جميع الدول العربية، باستثناء السودان، وأخذت سلبيتها تتفاقم بمعدلات مرتفعة جدا. ويوضح الجدول ٢ مجموع واردات الدول العربية من الأغذية، وهي التي ارتفعت قيمتها من ٣.٣ مليار دولار في المتوسط خلال الفترة ١٩٧٥-١٩٧٠ إلى نحو١٦ مليار دولار في المتوسط خلال الفترة ١٩٨٨/١٩٨٣، أي أن معدل الزيادة السنوية بلغ نحو ١٣ %. وبهذا المعدل المرتفع يمكن أن تصل قيمة واردات الدول العربية من الأغذية إلى ما يقرب من ٩٠ مليار دولار بحلول عام ٢٠٠٠. ولا تعد الصورة أفضل من ذلك من الناحية الطبيعية، ولا سيما فيما يتعلق بالحبوب التي تعد العنصر الرئيسي ضمن ما تستورده البلاد العربية من الأغذية. وفي الحقيقة، فقد بلغت حصة الحبوب ضمن مجموع واردات الدول العربية من الأغذية خلال الفترة ١٩٨٨-١٩٨٣ نحو ٣٩ %، كما هو مبين في الجدول ٢. وهكذا، يمكن اعتبار الحبوب من الأمثلة المناسبة عند تقدير الفجوة الغذائية التي تعاني منها الدول