للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: يدخل فيه وعظ السلطان النساء. يعني يوم العيد. وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، واسم أبي طلحة، عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي العبدري، حاجب الكعبة المعظمة، وهو ابن عم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم، أسلم عثمان هذا في الهدنة بين صلح الحديبية وفتح مكة، هو وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص، وأما عمه عثمان بن أبي طلحة، فكان معه لواء المشركين يوم أحد، وقتل يومئذ كافرا. وإنما نبهنا على هذا النسب؛ لأن كثيرا من المفسرين قد يشتبه عليهم هذا بهذا، وسبب نزولها فيه لما أخذ منه رسول الله مفتاح الكعبة يوم الفتح، ثم رده عليه.

وقال محمد بن إسحاق في غزوة الفتح: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن صفية بنت شيبة؛ أن رسول الله لما نزل بمكة واطمأن الناس، خرج حتى جاء البيت، فطاف به سبعا على راحلته، يستلم الركن بمحجن في يده، فلما قضى طوافه، دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، ففتحت له، فدخلها، فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده ثم طرحها، ثم وقف على باب الكعبة وقد استكف (١) له الناس في المسجد.

قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله قام على باب الكعبة فقال "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى، فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج". وذكر بقية الحديث في خطبة النبي يومئذ، إلى أن قال: ثم جلس رسول الله في المسجد، فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده فقال: يا رسول الله، اجمع لنا الحجابة مع السقاية، صلى الله عليك. فقال رسول الله : "أين عثمان بن طلحة؟ " فدعي له، فقال له: "هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم وفاء وبر" (٢).

قال ابن جرير: حدثني القاسم حدثنا الحسين، عن حجاج، عن ابن جريج [قوله: (إِنّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)] (٣) قال: نزلت في عثمان بن طلحة قبض منه النبي مفتاح الكعبة، فدخل به البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه (٤) فدعا عثمان إليه، فدفع إليه (٥) المفتاح، قال: وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله من الكعبة، وهو يتلو هذه الآية: فداه أبي وأمي، ما سمعته يتلوها قبل ذلك.

حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا الزنجي بن خالد، عن الزهري قال: دفعه إليه وقال: أعينوه (٦).

وروى ابن مردويه، من طريق الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله ﷿: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) قال: لما فتح رسول الله مكة دعا عثمان بن طلحة


(١) في د: "استكن"، وفي ر، أ: "استلف".
(٢) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (٣/ ٤١٣).
(٣) زيادة من ر، أ، وفي هـ: "في الآية".
(٤) في أ: "هذه الآية".
(٥) في ر: "فناوله".
(٦) في ر: "غيبوه".