للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا (٢٧) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا (٢٨) }

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يُريدُ أَنْ يُبَيِّنَ لَكُمْ -أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ-مَا (١) أَحَلَّ لَكُمْ وَحَرَّمَ عَلَيْكُمْ، مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَغَيْرِهَا، {وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} يَعْنِي: طَرَائِقَهُمُ الْحَمِيدَةَ وَاتِّبَاعَ (٢) شَرَائِعِهِ الَّتِي يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا {وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} أَيْ مِنَ الْإِثْمِ (٣) وَالْمَحَارِمِ، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أَيْ فِي شَرْعِهِ وَقَدَرِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ.

وَقَوْلُهُ: { [وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ] (٤) وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا} أَيْ: يُريد (٥) أَتْبَاعُ الشَّيَاطِينِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالزُّنَاةِ {أَنْ تَمِيلُوا} يَعْنِي: عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ {مَيْلا عَظِيمًا. يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} أَيْ: فِي شَرَائِعِهِ وَأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ وَمَا يُقَدِّرُهُ لَكُمْ، وَلِهَذَا أَبَاحَ [نِكَاحَ] (٦) الْإِمَاءِ بِشُرُوطِهِ، كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ: {خُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا} فَنَاسَبَهُ (٧) التَّخْفِيفُ؛ لِضِعْفِهِ فِي نَفْسِهِ وَضِعْفِ عَزْمِهِ وَهِمَّتِهِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ [الْأَحْمَسِيُّ] (٨) حَدَّثَنَا وَكِيع، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنِ أَبِيهِ: {خُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا} أَيْ: فِي أَمْرِ النِّسَاءِ، وَقَالَ وَكِيعٌ: يَذْهَبُ عَقْلُهُ عِنْدَهُنَّ.

وَقَالَ مُوسَى الْكَلِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (٩) لِنَبِيِّنَا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ (١٠) عَلَيْهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ حِينَ مَرَّ عَلَيْهِ رَاجِعًا مِنْ عِنْدِ سدْرة الْمُنْتَهَى، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا فَرَضَ عليكم (١١) ؟ فقال: "أمرني بخمسين


(١) في جـ، ر، أ: "فيما".
(٢) في ر: "في اتباع".
(٣) في ر، أ: "المأثم".
(٤) زيادة من ر، أ.
(٥) في ر، أ: "من".
(٦) زيادة من أ.
(٧) في أ: "فيناسبه".
(٨) زيادة من جـ، أ.
(٩) في جـ، أ: "والتسليم".
(١٠) في أ: "لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم".
(١١) في جـ، أ: "عليك ربك".

<<  <  ج: ص:  >  >>